أحبار اليهود والإمام علي #
  فيتحمل ما كان في الجام بريشه وجناحيه، ثم يصفر له الثالثة فيطير حتى يقع على تاج الملك فينفض ما في ريشه وجناحيه على رأس الملك، فلما نظر إلى ذلك المُلْك عتا وتجبر وادعى الربوبية من دون الله، ودعا قومه إلى ذلك، فكان من أجابه أعطاه وحياه وكساه، وكل من لم يتبعه قتله، فأجابوه بأجمعهم، واتخذ لهم عيداً في كل سنة مرة واحدة، فلما كان ذات يوم والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره إذ أتاه بطريق فأعلمه بعساكر الفرس أنَّها قد غشيته، فاغتم لذلك غماً شديداً حتى سقط التاج عن رأسه، فنظر إليه أحد الفتية الذين كانوا عن يمينه وكان يقال له تمليخا وكان عاقلاً في نفسه، وقال: لو كان دقيانوس إلهاً كما يزعم إذاً لما كان يغتم، ولا يفرح، ولا يستيقظ، ولا ينام ولا يسقط، وليس هذا من أفعال الآلهة، وكان الفتية الستة يسكنون كل يوم عند واحد منهم، فلما كان يوم تمليخا أعد لهم من أطيب الطعام، وأعذب الشراب، فطعموا وشربوا، ثم قال لهم: يا إخوتاه قد وقع في قلبي شيء منعني من الطعام والشراب والنوم، قالوا: وما ذلك يا تمليخا؟ قال: إني أطلت فكري في هذه السموات فقلت من رفع سقفها محفوظاً بلا علاقة ولا عمد من فوقها، ولا دعامة من تحتها؟ ومن أجرى فيها شمساً وقمراً اثنان مضيئان؟ ومن زينها بالنجوم؟ وأطلت الفكرة في هذه الأرض، فقلت: من سطحها على حمم اليم الزاخر؟ ومن حبسها بالجبال أن تميد؟ وأطلت فكري في نفسي فقلت: فمن أخرجني من بطن أمي؟ ومن غذاني؟ ومن رباني؟ إن لهذا صانعاً ومدبراً سوى دقيانوس، وما هو إلا ملك الملوك وجبار السموات، قال: فانكب الفتية على رجليه يقبلونها ويقولون هدانا الله بك من الضلالة إلى الهدى، فأشر علينا يا تمليخا. قال: فوثب تمليخا فباع ثمرة من حائط بثلاثة دراهم