طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

أحبار اليهود والإمام علي #

صفحة 222 - الجزء 1

  وعقدها في ردائه، وركبوا على خيولهم وخرجوا من المدينة، فلما ساروا ثلاثة أميال قال تمليخا: يا إخوتاه قد جاءت سكينة الآخرة، وذهب ملك الدنيا، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أقدامكم لعل الله أن يجعل لكم من أمركم فرجاً ومخرجاً، فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أقدامهم تسعة فراسخ في ذلك اليوم، فجعلت أرجلهم تقطر دماء واستقبلهم راعٍ، فقالوا: يا أيها الرجل هل إلى شربة من ماء ولبن؟ فقال الراعي: عندي ما تحبون ولكني أرى وجوهكم وجوه الملوك، وما أظنكم هربتم إلا من دقيانوس الملك، قالوا: يا أيها الراعي لا يحل لنا الكذب وسينجينا الصدق، فأخبروه بقصتهم، فانكب الراعي على أرجلهم يقبلها، وقال: يا قوم لقد وقع في قلبي مثل ما وقع في قلوبكم، ولكن أمهلوني حتى أؤدي هذه الغنم إلى أهلها، فراح بها إلى أهلها وأقبل يسعى، فتبعه كلب له، قال: فوثب اليهودي فقال: يا علي فما كان اسم الكلب؟ وما كان لونه؟ قال على #: لا حول ولا قوة إلا بالله يا أخا اليهود، أما لون الكلب فكان أبلق أسود، وأما اسمه فقطمير، فلما نظر الفتية إلى الكلب، قال بعضهم لبعض: إنا نخاف أن يفضحنا هذا الكلب نباحه، فألحوا عليه بالحجارة ليطردوه، فأقعى على ذنبه وتمطى، ونطق بلسان طلق ذلق، وهو يقول: لم تطردوني فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فذروني حتى أحرسكم من عدوكم، فابتدروا إليه وحملوه على أعناقهم، فلم يزل الراعي يسير بهم حتى علا بهم جبلاً يقال له: الخلوص، وانحط بهم على كهف يقال له: الوصيد، فإذا بفناء الكهف عين غزيرة، وأشجار مثمرة، فأكلوا من الشجر، وشربوا من الماء، وجَنَّهم الليل، فآووا إلى الكهف، فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت بقبض أرواحهم، ووكل الله