طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

في بر الوالدين

صفحة 257 - الجزء 1

  ما حملت وأرضعتني أكثر ... الله ربي ذو الجلال الأكبر

  تظنني جزيتها يابن عمر؟ قال: لا ولا زفرة واحدة.

  وقال رجل لرسول الله ÷: إن أبوي بلغا من الكبر أن أَلٍ منهما ما وليا مني في الصغر، فهل قضيتهما حقهما؟ قال: «لا، فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك، وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتها».

  وروي أن رجلاً أتى النبي ÷ فقال: إن ابني هذا له مالٌ كثير وإِنه لا ينفق عليَّ من ماله فنزل جبريل عليه وقال: (إن الشيخ هذا قد أنشأ في ابنه أبياتاً ما قرعت سمعه)، فقال النبي ÷: «إنك قلت أبياتاً لم تسمعها أذناك فهات»، فقال الرجل: زادنا الله بك إيماناً يا رسول الله وأنشد:

  غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً ... تعل بما أجني عليك وتنهلُ

  إذا ليلة ضاقتك بالسقم لم أبت ... لسقمك إلا باكياً أتململُ

  كأني أنا المطروق دونك بالذي ... طُرقت بهدوني فعيناي تهملُ

  تخاف الردي نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل

  فلما بلغت السن والغاية ... التي إليها مدي ما كنت فيك أؤملُ

  جعلت جزائي غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضلُ

  فليتك إذلم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعلُ

  وسميتني باسم المفند فعله ... وفي رأيك التفنيد لو كنت تعقلُ

  تراه معداً للخلاف كأنه ... يرد على أهل الصواب موكلُ

  فغضب رسول الله ÷ وقال: «أنت ومالك لأبيك». انتهى من شواهد (الكشاف).