طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية من (أمالي المرشد بالله) رضوان الله تعالى عليه

صفحة 260 - الجزء 1

  القبر وظلمته وضيقه، ألا وإن القبر حفرة من حفر النار، أو روضة من رياض الجنة، ألا وإنه يتكلم في اليوم ثلاث مرات، فيقول: أنا بيت الوحشة، وأنا بيت الدود، ألا وإن ما وراء ذلك اليوم أشد من ذلك اليوم يوم يشيب فيه الصغير، ويهرم فيه الكبير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكاري وما هم بسكاري ولكن عذاب الله شديد، ألا وإن ما وراء ذلك أشد من ذلك اليوم، نار حرها شديد، وقعرها عميق، وحبلها حديد، ليس لله فيها رحمة، قال: فيكي المسلمون حوله بكاءً شديداً، فقال: ألا ومن وراء ذلك اليوم رحمة وجنة عرضها السموات والأرض أعدها الله للمتقين، أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم.

حكاية من (أمالي المرشد بالله) رضوان الله تعالى عليه

  من (أمالي المرشد بالله) بسنده إلى أبي إسحاق إبراهيم بن عبدالله بن الجنيد الختلي سمعت رجلاً من البكائين النواحين يقول: واموتاه، وليس من الموت منجا، كأني بالموت قد غاداني أو مساني، وكأني عن قليل لا أُزار ولا أوتى، وكأني عن قليل أودع الدين والدنيا، وكأني أتخذ القبر بيتاً، واللحد متكاً، وكأني عن قليل أوسد بلبنة وأوسد بأخرى، وكأني عن قليل أجاور أهل البلي، وكأني عن قليل أجاور قوماً جفاة، وآغفلتاه! وآهولاه! أي الأهوال أتذكر؟ وأيها أنسى؟ لو لم يكن إلا الموت وغصصه وما بعد الموت أعظم وأدهى، إسرافيل لو قد نادى فأسمع النداء فأزعجني غداً من ضيق لحدي، وحيداً منفرداً متغير اللون، شاخصاً بصري، مقلداً عملي، قد ألجمني عرقي، وتبرأ الخليقة مني، نعم وأمي وأبي، نعم ومن كان لذكري وسعيي، فبقيت في ظلم القيامة متحيراً، فمن يجيب