طرفة من (نور الأبصار)، في مناقب بيت النبي المختار ÷ للشبلنجي المصري
  ختمة، قالت زينب بنت أخيها: تألمت عمتي في أول يوم من رجب، وكتبت إلى زوجها إسحاق المؤتمن كتاباً وكان غائباً بالمدينة تأمره بالمجيء إليها، ولا زالت كذلك إلى أول جمعة من شهر رمضان فزاد بها الألم وهي صائمة فدخل عليها الأطباء الحذاق وأشاروا عليها بالإفطار لحفظ القوة لما رأوا من الضعف الذي أصابها، فقالت: واعجباه! لي ثلاثون سنة أسأل الله ø أن يتوفاني وأنا صائمة فأفطر؟ معاذ الله ثم أنشدت:
  اصرفو عني طبيبي ... ودعوني وحبيبي ... زاد بي شوقي إليه ... وغرامي في لهيب
  طاب هتكي في هواه ... بين واشٍ ورقيب ... لا أبالي بفواتٍ ... حين قد صار
  ليس من لام بعذل عنه فيه بمصيب ... جسدي راضٍ ... وجفوني بنحيبي
  قالت زينب: ثم إنها بقيت كذلك إلى العشر الأواسط من شهر رمضان فاحتضرت واستفتحت بقراءة سورة الأنعام، فلا زالت تقرأ إلى أن وصلت إلى قوله تعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ١٢] ففاضت روحها الكريمة. وفي (درر الأصداف) عنها: فلما وصلت إلى قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٢٧}[الأنعام] غشي عليها، فضممتها إلى صدري فتشهدت شهادة الحق، وقُبضت رحمة الله عليها، ووصل زوجها في ذلك اليوم، فقال: إني أحملها إلى المدينة وأدفنها بالبقيع، فاجتمع أهل مصر إلى أمير البلد واستجاروا به من إسحاق ليرده عما أراد، فأبى فجمعوا له مالاً كثيراً ووُسق بعيره الذي أتى عليه وسألوه أن يدفنها عندهم، فأبى فباتوا في مشقة عظيمة، فلما أصبحوا اجتمعوا عليه فوجدوا منه غير الذي عهدوه بالأمس، فقالوا: إن لك لشأناً، فقال: نعم