طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية للعائدين إلى الله

صفحة 290 - الجزء 1

  اختياري طريق الإسلام إذ ما إن دخلت غرفتي حتى كان الباب يقرع ... وفتحت ... فإذا أنا بفتاة هيفاء، جميلة فارعة الطول شبه عارية، يبدو من مفاتن جسمها كل ما يغري، وبادأتني بالإنجليزية قائلة: هل يسمح لي سيدي بأن أكون ضيفة عنده هذه الليلة؟ فاعتذرت بأن الغرفة معدة لسرير واحد، وكذا السرير لشخص واحد، فقالت: وكثيراً ما يتسع السرير الواحد لاثنين! واضطررت أمام وقاحتها ومحاولتها الدخول عنوة لأن أدفع الباب في وجهها لتصبح خارج الغرفة، وسمعتُ ارتطاماً بالأرض الخشبية في الممر، فقد كانت مخمورة، فقلت: الحمد لله هذا أول ابتلاء، وشعرت باعتزاز ونشوة إذ انتصرت على نفسي، وبدأتْ تسير في الطريق الذي رسمته لها.

  ولقد واجه سيد قطب ¦ ابتلاءات كثيرة بعد ذلك ولكنه تغلب عليها وانتصر على نفسه الأمارة بالسوء، قلت: [حتى سلمها لحبل المشنقة سنة ١٣٨٥ هـ تقريبا].

  ولما وصل إلي أمريكا يحدثنا عما رأي فيقول:

  ولقد كنت أثناء وجودي في الولايات المتحدة الأمريكية أرى رأي العين مصداق قول الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤}⁣[الأنعام] الآية. فإن المشهد الذي ترسمه الآية مشهد تدفق كل شيء من الخيرات والأرزاق بلا حساب لا يكاد يتمثل في الأرض كلها، كما يتمثل هناك! وكنت أرى غرور القوم بهذا الرخاء الذي هم فيه، وشعورهم بأنه وقف على الرجل الأبيض، وطريقة تعاملهم مع الملونين في عجرفة مرذولة، وفي وحشية كذلك بشعة، وفي صلف على أهل الأرض كلهم، كنت أرى هذا كله فأذكر هذه