حكاية للعائدين إلى الله
  الآية وأتوقع سنة الله ... وأكاد أرى خطواتها وهي تدب إلى الغافلين.
  وبعد سنتين قضاها سيد قطب في أمريكا عاد ¦ إلى مصر، ولكنه عاد رجلاً آخر، رجلاً مؤمناً ملتزماً صاحب رسالة، ودعوة، وغاية، رحم الله سيداً وأسكنه فسيح جناته، وعفا عنا وعنه.
  وإلى أن يقول صاحب الكتاب المذكور: إن في بذل العلماء والدعاة والمصلحين أنفسهم في سبيل الله حياة للناس إذا علموا صدقهم وإخلاصهم لله ø، ومن هؤلاء الدعاة والمفكرين سيد قطب ¦ فقد كان لمقتله أثر بالغ في نفوس من عرفوه وعلموا صدقه، ومنهم اثنان من الجنود الذين كلفوا بحراسته وحضروا إِعدامه.
  يروي أحدهما القصة فيقول:
  هناك أشياء لم نكن نتصورها هي التي أدخلت التغير الكلي على حياتنا ... في السجن الحربي كنا نستقبل كل ليلة أفراداً أو مجموعات من الشيوخ والشباب والنساء، ويقال لنا: هؤلاء من الخونة الذين يتعاونون مع اليهود، ولابد من استخلاص أسرارهم، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأشد العذاب، وكان ذلك كافياً لتمزيق لحومهم بأنواع السياط والعصي، كنا نفعل ذلك ونحن موقنون أننا نؤدي واجباً مقدساً إلا أننا ما لبثنا أن وجدنا أنفسنا أمام أشياء لم نستطع لها تفسيراً، لقد رأينا هؤلاء الخونة مواظبين على الصلاة أثناء الليل وتكاد ألسنتهم لا تفتر عن ذكر الله حتى عند البلاء! بل إن بعضهم كان يموت تحت وقع السياط، أو أثناء هجوم الكلاب الضارية عليهم وهم مبتسمون ومستمرون على الذكر.