طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

قصة الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها

صفحة 307 - الجزء 1

  باكياً متضرعاً حتى غابت عنه الملائكة، ثم رفع وجهه، فجاء الشيطان وقال له: امض لوجهك فإن ربك يستجيب لك، ولو لم يرد ذلك لما برحت عنك الملائكة ولما خلوا سبيلك، فركب أتانه وخلى الله سبيلها فانطلقت به حتى أشرفت على جبل حسان، فجعل لا يدعو عليهم بشيء من الشر إلا صرف الله به لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بخير إلا صرف الله به لسانه إلى بني إسرائيل، فقال له قومه: أتدري ما تصنع يا بلعام؟ إنما تدعو لهم وتدعو علينا، فقال: هذا أمر لا أملك منه شيئاً، قد غلبني الله عليه، فاندلع لسانه فوقع على صدره، فعلم ما حل به فقال لقومه قد ذهبت مني الدنيا والآخرة، ولم يبق إلا المكر والحيلة، فسامر لكم وأحتال، فجمِّلوا النساء وزينوهن وأعطوهن السلع، ثم أرسلوهن إلى المعسكر يبعن فيه ويشترين، وأمروهن أن لا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها، فإنهم لو زنى رجل منهم كفيتموهم ففعلوا ذلك، فلما دخلت النساء المعسكر مرت امرأةٌ كنعانية اسمها كبشا بنت صوريا برجل من عظماء بني إسرائيل يقال له زمري بن سلوم من سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقام إليها وأخذ بيدها حين أعجبه حسنُها وجمالها، ثم وقف على موسى وقال: إني سأظنك أن تقول هذه حرام عليك؟ فقال: أجل هي حرام عليك لا تقربها، قال: والله لا أطيعك في هذا، ثم إنه دخل بها قبته فواقعها، فأرسل الله الطاعون على بني إسرائيل في الوقت، وكان فنحاص بن عيزار بن هارون صاحب موسي رجلاً قد أعطي بسطة في الخلق وقوة في البطش، وكان غائباً حين صنع زمري بن سلوم ما صنع، فجاء والطاعون يجوس في بني إسرائيل فأُخبر الخبر، فأخذ حربته وكانت حديداً كلها، ثم دخل عليهما القبة وهما متضاجعان فانتظمهما في حربته، ثم خرج بهما رافعهما بيده إلى السماء والحربة قد أخذها بذراعه وأعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة على لحيته، وكان بِكر العيزار وجعل يقول: اللهم