طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

في تفسير آية كريمة

صفحة 344 - الجزء 1

  أقبل وأدبر، وعمد إلى سيفه وقوسه فكسر هما وولى، فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف فإذا أنا بمن يهتف إلي بصوت دقيق فالتفت فإذا بالأعرابي قد نحل واصفر، فسلم علي واستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح، وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، ثم قال: هل غير هذا؟ فقرأت: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} فصاح وقال: يا سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف فلم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين قالها ثلاثاً وخرجت معها نفسه.

  وقال في هامش (المصابيح): ثم قال في (البرهان) وكان قس بن ساعدة الإيادي ينبه بعقله على هذه العبر، وهو في الجاهلية قد اتعظ واعتبر فروينا عن رسول الله ÷: «رأيته بعكاظ وهو يقول: أيها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا بالإقامة فأقاموا أم تركوا كما هم إلى نوم فناموا، إن في السماء لخبراً، وإن في الأرض لعبراً، سقفٌ مرفوع، وليلٌ موضوعٌ، ونجومٌ تحور ثم تغور. أقسم قس ما أثم أن الله ديناً هو أرضى من دين نحن عليه، ثم تكلم بأبيات شعر:

  في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر ... لما رأيت موارداً للموت ليس لها مصادر

  ورأيت قومي نحوها يسعى الأكابر والأصاغر ... لا يرجع الماضي ولا أحد من الحدثان عابر

  أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر