الكلام عن الدنيا وتقلبها بأهلها
  تأمل إذا ما نلت بالأمس لذة ... فأفنيتها هل أنت إلا كحالم
  فكم غافل عنه وليس بغافل ... وكم نائم عنه وليس بنائم
  وروي عنه ÷ أنه قال: «من هوان الدنيا على الله أن لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها».
  وروى سفيان أن الخضر # قال لموسى #: يا موسى اعرض عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار، وليس فيها محل قرار، وإنما جعلت الدنيا للعباد ليتزودوا منها للمعاد.
  وقال عيسى #: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها.
  وقال علي كرم الله وجهه يصف الدنيا: أولها عناء، وآخرها فناء، حلالها حساب، وحرامها عقاب، من صحَّ فيها أمن، ومن مرض فيها ندم، ومن استغنى فيها فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنها واتته، ومن نظر إليها أعمته، ومن نظر بها بصرته.
  وقال بعض البلغاء: إن الدنيا تقبل إقبال الطالب، وتدبر إدبار الهارب، وتصل وصال الملوك، وتفارق فراق العجول، فخيرها يسير، وعيشها قصير، وإقبالها خديعة، ولذتها فانية، وتبعاتها باقية، فاغتنم غفوة الزمان، وانتهز فرصة الإمكان، وخذ من نفسك لنفسك، وتزود من يومك لغدك.
  وقال وهب بن منبه مثل الدنيا والآخرة مثل ضرتين إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى.
  وقال عبد الحميد الكاتب: الدنيا منازل فراحل ونازل.
  وقال بعض الحكماء: الدنيا إما نقمة نازلة، وإما نعمة زائلة.