حكاية صاحب شرطة بغداد واللصوص والملاح
  واحدة جيدة عظيمة، فيقول للذي ضربه قطع الله يدك ورجلك يا فاعل يا صانع من أمرك بضربه؟ ولم ضربته؟ تقدم يا هذا، لا بأس عليك اصدق فقد نجوت، فإن أقر وإلا حك رأسه ثانية وثالثة أبداً على هذا وكذا كانت عادته في جميع الجناة وهو رسم له معروف عند المتصرفين بحضرته.
  قال: فلما أطال عليه الملاح حك رأسه فضرب قفاه بعض القائمين بمقرعة ضربة عظيمة فصاح الملاح. فقال الأبزعجّي من أمرك بهذا يا فاعل يا صانع قطع الله يدك، ثم قال الملاح: أيها الأستاذ الله شاهد عليك أنني آمن على نفسي وأعضائي حين أصدق؟ فقال له: نعم. قال: أنا رجل ملاح أعمل في المشرعة الفلانية يعرفني جيراني بالستر وقد كنت سرّحت سماريتي إلى سوق الثلاثاء البارحة بعد العتمة أتفرج في القمر فنزل خادم من دار لا أعرفها فصاح: يا ملاح. فقدمت سماريتي بالشاطئ فسلم إلى امرأة نظيفة حسنة ومعها صبيتان، وأعطاني دراهم صحاحاً وقال: احمل هؤلاء إلى المشرعة الفلانية بباب الشماسية، فصعدت بهم قطعة من الطريق فكشفت المرأة وجهها فإذا هي من أحسن الناس، وجهها كالقمر فاشتهيتها فعلّقت مجاديفي في الكرك وهو تثبيت القارب، وأخرجت السفينة إلى وسط دجلة وتقدمت إلى المرأة فراودتها عن نفسها، فأخذت تصيح فقلت لها: والله لئن صحت لأغرقنك الساعة فسكتت وأخذت تمانعني عن نفسها واجتهدت بأن أقدر عليها فما قدرت، فقلت لها: من هاتان الصبيتان منك؟ فقالت: بنتاي. فقلت لها: أيما أحب إليك تمكنيني من نفسك أو أغرق هذه؟ وقبضت على واحدة منهن، فقالت: أما أنا فلا أطيعك اعمل ما شئت، فرميت إحدى الصبيتين في الماء فصاحت فضربت فاها وصحت معها: والله لا