حكاية صاحب شرطة بغداد واللصوص والملاح
  طلقتك ولو قتلتني. ليشتبه ذلك على من عساه يسمع الصياح في الليل. فسكتت وأخذت تبكي، ثم تركتها ساعة وقلت لها: دعيني أفعل بك وإلا أغرقت الأخرى، فقالت: والله لا فعلت، فأخذت الصبية الأخرى فرميت بها في الماء فصاحت وصحت معها، ثم قلت لها: ما بقي الآن إلا قتلك فدعيني وإلا قتلتك وأخذت بيدها وشلتها لأرمي بها إلى الماء. فقالت: أدعك فرددتها إلى السمارية فمكنتني من نفسها فوطئتها، وسرت لأمضي بها إلى المشرعة. فقلت في نفسي: هذه الساعة تصعد إلى دارها وإلى الموضع الذي تأوي إليه فتنذر بي فأؤخذ وأقتل وليس الوجه إلا تغريقها فجمعت يديها ورجليها ورميت بها إلى الماء، فحين غرقت فكرت فيما ارتكبته وعظم ما جنيته فندمت وكنت كرجل كان سكراناً فأفاق، فقلت: أي شيء أعمل؟ ليس إلا أن أنحدر إلى البصرة أغوص في أنهارها فلا أعرف، فانحدرت فلما صرت حذاء الجسر أخذتني بطني وقلت أصعد وأتفسح وأعود إلى سماريتي فصعدت، فأنا جالس أتغوط فما أحسست حتى قبض هؤلاء علي، قال: فقال له الأبزاعجّي مطايباً: يا هذا أي معاملة بين مثلك وبيني انصرف بسلام، فظن بجهله أن ذلك حقيقة فولى لينصرف فصاح به وقال: يا فتى هو ذا! تنصرف وتدعنا من حَقَا (عاميه عراقيه) فلا أقل من أن ترجع لنحلفنك أنك لا تعود إلى مثل هذا. فرجع فقال: خذوه، فأخذوه، فقال: اقطعوا يده، فقال: يا سيدي أليس قد أمّنتني؟ فقال: يا كلب وأي أمان لمثلك؟ قد قتلت ثلاثة أنفس وزنيت وأخفت السبيل.
  قال: فقطعت يداه ورجلاه، ثم ضربت عنقه، وأحرق جسده بالنار في مكانه.