حكاية الرجل الصالح وعائلته القانعة بما كتب الله تعالى
  الخالية من الماء والكلأ، فلا يسلكه الناس ولا يطرقونه حتى الرعاة لا يجدون فيه ما يفيد ماشيتهم، فأصبح موطناً آمنا للذئاب والأفاعي. وما كانت المرأة الجريحة لتسلم من الموت الأكيد لو لم يعد إليها الجاني مدفوعاً بغريزة حب الاستطلاع، وما كان المسافرون مع الجاني ليعرفوا موضع المرأة لو لم يصرخ الجاني صرخة مدوية بدون شعور ولا تفكير، متألما من لدغة الأفعى السامة.
  وما كان ولدها ليدفع البدل النقدي لو قدمت أول سيارة من المدينة التي كان فيها، لأنها ستنقل أمه ولضاع عليه الوقت المحدد لدفع البدل النقدي، لقد كان ذلك كله من تدبير العلي القدير ... قال الحاكم الذي هو جار لتلك العائلة: سمعت قصة جارتنا كما سمعها الناس فاشتركت مع الجيران الآخرين لجمع ثمن دارها حتى تستعيدها من صاحبها الجديد. وسمع صاحب الدار الجديد هو الآخر بقصتها فأعاد إليها. الدار وملكيتها، وبقي المبلغ الذي جمعه لها الجيران مع ثلاثمائة دينار من أصل ثمن الدار، فجددت بذلك المبلغ بناء الدار، وأقبل الناس على حانوت ولدها يشترون سلعته ويتسابقون على معاونته ... وفي خلال سنة واحدة تضخم عمله، وأقبلت عليه الدنيا، فانتقل إلى حانوت كبير في شارع عام في موقع محترم ... ومرت السنون وفي كل عام كان في الدار بناء جديد، وتخرج الأولاد من مدارسهم واحداً بعد الآخر فأصبح أحدهم مهندساً والآخر طبيباً والثالث ضابطاً في الجيش ... ولم يعد طعامهم اليومي من الشاي والخبز، أو من الخبز والخضرة، بل كان لهم لحم في كل يوم مع ألوان شهية أخرى من الطعام، وفتح الله تعالى عليهم باب بركاته وأغدق عليهم رعايته، وجعلهم مثالا للخلف الكريم بين الناس متعاونين في السراء والضراء، وعلى ضفاف دجلة قرب الجسر الكبير في بغداد دار عامرة بالخير، والوفاق، والسعادة هي الدار الجديدة التي