حكاية الرجل الصالح وعائلته القانعة بما كتب الله تعالى
  انتقلت إليها العائلة الصابرة المحتسبة عام ١٣٨٥ هـ وقد تضاعف عدد العائلة فأصبحت أربع عائلات، فقد تزوج الأولاد الكبار الثلاثة وأخصبوا، ولكن رباط العائلة ما زال قويا وأم الأولاد لا تزال سيدة البيت بدون استثارة ولا إزعاج. لقد سمعت قصة هذه العائلة من صديقي الحاكم الكبير فأردت أن أسمعها من أحد أفرادها. وسألت الابن الأكبر الذي كان خضرياً فقيراً فأصبح تاجراً كبيراً، أن يحدثني حديث أمه فقال: ولماذا لا تسمع حديثها منها؟ وكنت ذات مساء في دارهم العامرة على ضفاف دجلة أسرح النظر في انعكاس نور القمر على الماء الرائق المتدفق وأنا أصغي إلى أغاني ملاحي السفن الشراعية، والسفن التجارية، وترديد ركابها منتظراً انقضاء صلاة الوالدة، وجاءت الأم وقد أحاطت شعرها الأبيض بغلالة بيضاء وفي وجهها نور وعلى قسماته ابتسامة، وعلى لسانها ذكر الله تعالى ... وروت لي قصتها كاملة، فقلت لها: وماذا كان شعورك حين تركك الجاني وحيدة تشخب جروحك دما في بطن الوادي السحيق؟ فقالت: والإيمان الصادق يشع من كلماتها كنت أخاطب الله ø بقولي: يا جبار السماوات والأرض أنت أعلم بحالي فهيء لي بقدرتك القادرة أسباب دفع البدل النقدي عن ولدي ليعود إلى أهله ويعيلهم ... يارب ..
  واستجاب الله دعاءها وأعاد إليها مالها وولدها، وانتقم لها من خصمها، وبدّل حال العائلة الفقيرة إلى أحسن حال.
  تلك قصة من الواقع ... ولكن حوادثها أغرب من الخيال.
  إن الناس يغفلون وينامون والله وحده لا يغفل ولا ينام {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[هود: ٦] والله لا ينسى رزق النملة في الصخرة