الملاح القاتل للطفل وأمه
  الصوت المستغيث، وعثر الرجل وهو يهرول بجثة قتيل يلفظ أنفاسه الأخيرة يسبح ببركة من دمه النازف فتلطخت يداه وثيابه بالدماء، وسقطت سكينة من وسطه على صدر القتيل، فتلوثت هي الأخرى بالدماء، وأصيب بصدمة عنيفة، ولكنه لم يكد يصحو من هول هذه الصدمة إلا وأصيب بصدمة أخرى أشد هولاً من سابقتها، فقد أحاطت به جماعة من الحراس الليليين المسلحين بالهراوات، والبنادق، والمسدسات، فأمروه بالنهوض، ورفع يديه فنهض عن جثة القتيل، ورفع يديه وهو في حالة يرثى لها من الفزع والهلع، فالتقط أحد الحراس الليليين سكين الجزار الملوثة بالدماء والتي سقطت على جثة القتيل، واجتمع عدد من الناس حول الحراس، وتطلع قسم من الجيران ليعرفوا حقيقة الأمر، واقتيد الجزار إلى مخفر من مخافر الشرطة القريبة.
  وبدأ فوراً التحقيق في قضية مقتل الرجل، وشهد الحراس الليليون بأنهم كبسوا على الجزار وهو على صدر القتيل، وأن سكينه التقطت من فوق القتيل ولم يجدوا غيره بالقرب من مصرع القتيل في ذلك الوقت المبكر من الفجر.
  وأيد قسم من الشهود الذين تجمعوا وتطلعوا شهادة الحراس الليليين فاقتنعت المحكمة بأن الجزار هو القاتل، فحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت، ولم يسمع أحد لإنكاره بأنه ليس القاتل، ولم يصدق أحد قصته الحقيقية بأنه عثر بالقتيل وهو في طريقه إلى داره فجراً، وذهبت أقواله وتشبثاته أدراج الرياح، ولكنه بعد صدور الحكم عليه، قال لقضاته الذين تولوا محاكمته على مسمع من الحاضرين: إن أقوالي صادقة، وأقوال الشهود كاذبة، ولكنني أستحق الحكم علي بالإعدام لأنني قتلت طفلاً رضيعاً وأمه قبل سنوات، ففتشوا عن