طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

إبراهيم بن الإمام المهدي الحوثي الحسيني

صفحة 434 - الجزء 1

  بمجرد ذكرها في الفؤاد، فكيف رؤيتها بالعيان؟! أم كيف دخولها يا إخوان؟! أم كيف الخلود فيها يا رحمن؟! هو والله أشد منها وأشد، وغضب الله - نعوذ بالله - أشد من الأشد، وارج الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كفى بهذه الأوصاف النبوية، والأسرار المصطفوية، على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام، وأشرف التحية، وغاية ذلك أن فيها كل محبوب، خالداً فيه ساكنها أبداً، ومماطاً عنها كل مكروه، فلا يراه مقيمها سرمداً، رزقنا الله سكناها، وحشرنا في زمرة أهلها وأوليائها، وأولانا الهداية إلى أقوم طريق وأولاها.

  الخامسة: نَزّل هذه الدنيا في قلبك منزلة العدم، فإنها هي العدم وأي شيء أحقر منها؟ لا شيء، خيرها عما قليل ينقضي، إلا أنها تبقى تبعاته، وتضمحل لذاته، وشرها عن قريب يزول، إلا أنه يبقى أجره وحسناته، فاستبان لك خيرها، وهو نعيمها الفاني، وحظوظها ومحبتها والركون إليها هو عين الشر، ومحض الضر، وإن خجلها وشرها وضيقة العيش بها والتجرع لغصصها، والصبر على صَبِرِها هو عين الخير، فما تصنع بدار شرها خير، وخيرها شر، هذا محض أمرها، وغاية سرها، وإنما ضربها الله لنا مثلاً ليبلونا أينا أحسن عملاً. إلى أن قال:

  السادسة: وهي عدم انقيادك لهوى النفس في استعظام أي بلوى نزلت بك وعدم التواجد والتحازن الداعيين إلى اشتغال الخاطر، وإتعاب النواظر، واشتعال نيران الأسف الذي هو الموت الحاضر، إذا أحكمت عقلك فاعددها من أكبر النعم عليك، وأجل هبات الله لديك إذ هي من أسباب الثواب ومن الدواعي إلى