طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

طرائف من التأريخ من مقدمة (الأحكام)

صفحة 439 - الجزء 1

  الشهيد أحمد محمد المطاع في كتابه «تأريخ اليمن الإسلامي» عند ذكره لسنة ٢٩٨ هـ، فيها مات الإمام الهادي بصعدة يوم الأحد لعشر بقين في ذي الحجة من السنة المذكورة، ودفن يوم الإثنين قبل الزوال بمسجده المشهور بصعدة، ومولده بالمدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام سنة ٢٤٥ هـ، وهو بلا شك أكبر مصلح، ارتفع اسمه في أفق التأريخ اليمني، ونال من الاحترام والحب في قلوب اليمنيين مكانة لم يتبوأها أحد بحيث أصبحت آثاره وأعماله وصفاته العالية قبلة الأبصار ومهوى الأفئدة، فإنه بمكانة عليا من العلم، والفضل، والورع، ومكارم الأخلاق، والحلم، والتواضع، كثير الصفح والتجاوز عن سيئات الناس وهفواتهم ... إلى أن قال: وكان شجاعاً مقداماً ثابت الجأش ماضي العزيمة.

  يباشر في الحرب المنايا ولا يرى ... لمن لم يباشرها من الموت مهربا

  أخو غمرات ما يروع جأشه ... إذا الموت بالموت ارتدى وتأزرا

  دائم الحركة جم النشاط، قوي الشكيمة، شديد الشعور بواجب الزعامة.

  على خير ما كان الرجال خلاله ... وما الخير إلا قسمة ونصيب

  حريصاً على مصالح الناس الدينية والدنيوية، كثير العناية بشؤونهم الاجتماعية والأخلاقية، كان يصلي بالناس الجماعة، ثم يقعد للإرشاد وفصل الخصومات، ثم ينهض فيدور في الأسواق والسكك فإن رأى جداراً مائلاً أمر أهله بإصلاحه، أو طريقاً فاسداً أصلحه، أو خلفاً مظلماً أمر أهله أن يضيئوا فيه للمارة، وإن رأى امرأة أمرها بالحجاب، وإن كانت من القواعد أمرها بالتستر.

  ومن آثاره الإصلاحية إحداث البراقع للنساء باليمن، وإلزامهن بذلك، وكان يقف على أهل كل بضاعة ويحذرهم من الغش، ويسعر لهم بضاعتهم،