طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

فوائد العزلة وأدلتها كتابا وسنة

صفحة 449 - الجزء 1

  شجرة ذات جني، ويوشك أن يعودوا شجرة ذات شوك إن ناقدتهم ناقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك، وإن هربت منهم طلبوك قال: فكيف المخرج من ذلك يا رسول الله؟ قال: «تقرضهم من عرضك ليوم فاقتك» رواه المرشد بالله عن أبي أمامة وله شواهد معنوية ومثله قول علي #: وأنى له به؟! يعني الأخ المؤمن، وذلك يقتضي ما قلنا من أنه ينزل وجود الصالحين كعدمهم في آخر الزمان لقلتهم وكثرة غيرهم، إذ ليس المراد عدم وجود أحد من أهل الصلاح بدليل قوله ÷: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء» وفي بعض الروايات قيل: يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: (النزاع من القبائل) وفي بعضها قال: «الذين يصلحون إذا فسد الناس» فأمر ÷ بالعزلة مع وجود الصالحين اعتبارا لغلبة أهل الفساد وكثرتهم، ولم يرد الأمر بالعزلة إلا لذلك وجعل ذلك كالرخصة في ترك الخلطة مع فساد الزمان، كما رخص في العزبة في ذلك الوقت وهي ترك النكاح مع ما ورد من الترغيب فيه، ومن النهي عن التبتل، فأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعاً: (إذا أتت على أمتي ثلاثمائة وثمانون سنة فقد حلت لهم العزبة والترهب على رؤوس الجبال». قيل: وفيه سليمان بن عيسى تكلموا فيه، لكن قال السيوطي له طرق أخرى ذكرها في (اللوالي) بسنده إلى الحسن بن أبي الحسن قال: قال رسول الله ÷: «إذا أتت على أمتي ثمانون ومائة سنة فقد حلت لهم الغربة والعزلة والترهب في رؤوس الجبال».

  وقال العنسي ¦ في (الإرشاد): وإنما زالت هذه السنة، - يعني مخالطة الإخوان - في الأغلب والأكثر في زماننا هذا لأنه الوقت الذي أذن النبي ÷ في الغربة وأحل الانفراد والوحدة.