فوائد العزلة وأدلتها كتابا وسنة
  قال حذيفة: سألت رسول الله ÷ عن الغربة فقال: «خير أمتي أولها المتزوجون، وآخرها العزاب وإني أحللت لهم الغربة في ذلك الزمان والترهب» فقلت: يا رسول الله فالجماعة يومئذٍ فريضة واجبة. فقال: «كونوا كالفارين بدينكم من بلد إلى بلد فإنه يوشك أن يُصَلُّوا في ذلك الزمان في مساجدهم فلا يكون فيهم مؤمن».
  وعنه ÷: «سيأتي على أمتي زمان تحل لهم فيه الغربة ولا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالطير بفراخه أو كالثعلب بأشباله».
  وعن سفيان الثوري قال: دخلت على جعفر بن محمد الصادق فقلت: يابن رسول الله مالي أراك قد اعتزلت الناس؟ فقال: يا سفيان فسد الزمان وتغير الإخوان، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد، وأنشأ يقول:
  ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب ... فالناس بين مخاتل وموارب
  قلت: وفي العزلة الأنس بالله وسقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الإمام الموفق بالله # لاسيما ومن تعرض لهما عرض نفسه للذل والهوان، فهذا زمان السكوت ولزوم البيوت ليسلم في نفسه ويسلم الناس منه، ويسقط عنه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقل من قام بهما، وسلم الضرر بسببهما.
  قال في (الإحياء): ومن جرب الأمر بالمعروف ندم عليه غالباً فإنه كجدار مائل يريد الإنسان أن يقيمه فيوشك أن يسقط عليه، فإذا سقط عليه يقول: يا ليتني تركته مائلاً، ولو وجد أعواناً أمسكوا الحائط حتى يحكمه بدعامة لاستقام،