طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري والإيمان الذي لا يخاف معه في الله لومة لائم

صفحة 457 - الجزء 1

  واكتبوا للظالم على ظهره، فقيل له: يا أبا عبد الله إنه خليفة فلو كتبت إليه في بياض نقي لكان أحسن، فقال: اكتبوا للظالم في ظهر كتابه، فإنه إن كان اكتسبه حلال فسوف يجزى به وإن كان اكتسبه من حرام فسوف يصلى به ولا يبقى شيء ء مسه ظالم بيده عندنا فيفسد علينا ديننا فقيل: ما نكتب إليه؟ قال: اكتبوا له: « من العبد الميت سفيان إلى العبد المغرور بالآمال هارون الذي سلب حلاوة الإيمان ولذة قرآءة القرآن أما بعد، فإني كتبت إليك أعلمك أني قد صرمت حبلك، وقطعت ودك، وإنك قد جعلتني شاهداً عليك بإقرارك على نفسك في كتابك بما هجمت على بيت مال المسلمين فأنفقته على غير حقه، وأنفذته بغير حُكْمِهِ، ولم ترض بما فعلته وأنت ناء عني حتى كتبت إلي تشهدني على نفسك، فأما بعد: فإني قد شهدت عليك أنا وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك وستؤدى الشهادة غداً بين يدي الله الحكم العدل، يا هارون هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم؟ والعاملون عليها في أرض الله؟ والمجاهدون في سبيل الله؟ وابن السبيل؟ أم رضي بذلك حملة القرآن؟ وأهل العلم؟ يعني العاملين أم رضي بفعلك الأيتام والأرامل؟ أم رضي بذلك خلق من رعيتك؟ فشد يا هارون مئزرك وأعد للمسألة جواباً وللبلاء جلباباً، واعلم أنك ستقف بين يدي الحكم العدل فاتق الله في نفسك إذ سلبت حلاوة العلم والزهد، ولذة قراءة القرآن، ومجالسة الأخيار، ورضيت لنفسك أن تكون ظالماً وللظالمين إماماً، يا هارون قعدت على السرير، ولبست الحرير، وأسبلت ستوراً دون بابك، وتشبهت بالحجبة برب العالمين، ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك يظلمون الناس ولا ينصفون! ويشربون الخمر! ويحدون الشارب! ويزنون ويحدون الزاني! ويسرقون ويقطعون السارق!