حكاية العجوز والفتاة
  يارب وفقني الوصول إلى البيت كذلك ودموعها تسيل لا ترفع قدماً ولا تضعها إلا بالفكر والذكر، وهي تقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}، والحمد والشكر الله الذي نجاها حتى تجاوزت السائلة وعرفت الحارة التي يسكنونها، وقد ضحضح الصباح فما كادت تشرق الشمس حتى قرعت باب البيت، وفتحوا فما دخلت الباب وأمنت حتى ارتمت مغشياً عليها ليس بها حراك، وهب الأب والأم والأخوة، ماذا بك؟ ماذا بك؟ مالك مالك؟ حركوها وإذا هي مغمى عليها ليس فيها إلا النفس، وجاءوا بالماء البارد ورشوه عليها وأفاقت، وقادوها إلى غرفة أبيها وهي خرساء لا تتكلم بكلمة حتى جلست، ورأوا ثيابها المقددة، والدماء وآثارها على وجهها، فقالوا: ماذا بك؟ ماذا بك؟ فاسترجعت أنفاسها وعلا نحيبها ونشيجها وهي تقول: تلك العجوز الكافرة، تلك العجوز القوّادة، تلك العجوز الكذا كذا قادتني إلى بعيد ومن شارع، إلى شارع، ثم إلى بيت خالٍ ليس فيه إلا رجل شاب من أهل الدعارة والخباثة والأعمال السيئة قد تلطخت يداه بالمعاصي والأعمال الفاجرة، واسترجعت أنفاسها وقصت عليهم القصة من أولها إلى آخرها، فبهتوا ودهشوا، وخرسوا، ولم يستطع أيهم أن ينطق بكلمة واحدة، وبعد قليل قال الأب للأم: وهل تعرفون بيت هذه العجوز وممن هي؟ قالوا: لا لا نعرفها إلا بترددها إلينا كل حين ونعطيها شيئاً، وقد رأيتموها لا أحد يشك في صلاحها. الله أكبر إنا لله وإنا إليه راجعون من هذه الفعلة الشنيعة القبيحة وقد رأيتم كان لنا ليلة لم نعرفها في حياتنا من القلق والخوف والتوقع خصوصاً بعد أن تجاوز الموعد، ثم قال الأب للأم: اخرجي إلى مكان آخر أنت والبنت واكشفي عليها هل لعب بها هذا الفاجر. وجعل يردد: -
  إذا سبحت حيزوم فابشر بزلة ... وإن هللت فابشر بأم الكبائر