طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية العجوز والفتاة

صفحة 90 - الجزء 1

  ويقول: رضي الله عن أمير المؤمنين وصلوات الله عليه إذ يقول # (أحب إلىَّ أن أجد في منزلي مائة لص يسرقونه أهون عليَّ من أجد فيه عجوزاً لا أعرفها). فخرجت الأم وكشفت على ابنتها ورجعت إليه تطمئنه أنه لم يحدث شيء إلا أورام وكدمات في كل جسمها وجرح في أنفها، فحمد الله تعالى على السلامة من العار والنار والشنار، وأوجب على نفسه كرامة يقدمها لطلبة العلم والمهاجرين وحملة كتاب الله العزيز في المساجد بصنعاء كلها طعام وكسوة ومساعدة شكراً الله تعالى على نجاة ابنته، ولمعرفة ذلك الشاب الذي ذكرته ابنته ووصفت كل ما رأته منه. فأمر أولاده وخدمه أن يذهبوا إلى كل مسجد بصنعاء أعلاها وأسفلها وطولها وعرضها، وأن يحضروا كل المهاجرين فيها من طلبة العلم وغيرهم من ضعفة الحال، وأمروهم بالحضور إلى المسجد المجاور لبيته الصلاة الجمعة، ثم للطعام ببيته، فتباشر المهاجرون بذلك، وكان هذا القاضي معروفاً بالخير والسعة ومحبته أهل المساجد، فحضروا عن بكرة أبيهم، واجتمع خلق كثير من ضعفة الحال والعميان، فلما استكملوا خرج إليهم ورحب بهم وصافحهم واحداً، واحداً وهو يتأمل ذلك الفتى ولم يحصل على تلك الأوصاف وقال لهم هل بقي أحد منكم؟ قالوا: قد حضرنا جميعاً، فقال: لابد أنه بقي بعض، فقالوا: لم يبق أحد، فاستدعاهم إلى الطعام، ولكنه أخذ على نفسه أن يباشر بنفسه غسل أيديهم حتى انتهوا، فقال: إنه بقي منكم جماعة فتذكر أحدهم أنه بقي مهاجر في المسجد الفلاني في أعلى صنعاء، فأمر الخادم أن يذهب ليأتي به، فلما أتى به عرفه بالوصف وباشر عليه يغسل يديه فمسك اليمني وغسلها، ثم رفع اليسرى فتناولها القاضي وإذا آثار النار على خمسها، وقال: ماذا بك؟ قال: هذا من النار وأنت تدري بحال المهاجرين في المنزلة أنهم يباشرون كل عمل لتحصيل طعامهم، قال القاضي الآن الحمد لله أدخل للطعام، فطعموا ما لم يروا