طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

حكاية العجوز والفتاة

صفحة 91 - الجزء 1

  أحسن منه، وباشر خدمته عليهم بالطيب والورد، ثم أعطى كل واحد كسوة، وقميصاً وعمامةً ورداء، وديناراً وخمسين درهماً، ودعوا له ولأولاده وتبرك بدعواتهم، ففي الأثر: (إكرام طلبة العلم صلاح للذرية)، ووادعوه وخرجوا من عنده، ولكنه أمسك ذلك الفتى ولم يأذن له بالخروج، فلما بقي هو وإياه، قال القاضي: ما شأن هذه الحروق التي في يدك؟ فقال الشاب: أنا مهاجر بالمسجد ولا بد أن أباشر إصلاح بعض الأشياء من الطعام في المنزلة وكذا حال المهاجرين قال القاضي: أخبرني بالحقيقة فالأمر غير هذا، فقال الشاب: ليس غير ما سمعت وقد خامره التعجب من السؤال والإلحاح، وماذا تريد من هذا السؤال؟ ألست القاضي فلان؟ وقد هاجرت في المنزلة وعرفت كل شيء؟ وأكثر العلماء قد هاجروا وعرفوا؟ فقال القاضي: أنا أعرف أكثر وأكثر، وأسألك بالله إلا ما أخبرتني، فسكت الشاب، ولكن القاضي دخل وأخرج الفتاة محجبة وقال هل تعرفين هذا الشاب؟ قالت: نعم هو هو وخرجت فعرف الشاب أن الأمر قد وضح وقص القصة إلى آخرها، وقال القاضي ما وراء تلك التعويذات التي كانت الفتاة تسمعها؟ فقال: كنت أتذكر لقاء الله تعالى وما أعده لمن عصاه وماذا أقول الجدي رسول الله ÷؟ وماذا أقول لجدي أمير المؤمنين علي؟ وماذا أقول لجدتي فاطمة الزهراء؟ وماذا أقول لجدي الحسين $ جميعاً، فكنت أتضرع إلى الله جلت قدرته أن يجنبني من تلك البلوى والحمد الله تعالى نجاني ونجى ابنتك من الكلاب التي طاردتها في الشوارع، فقال القاضي: الحمد لله الذي عرفني عليك بعد محنة بالغة وبلوى شديدة، وأنت الآن كأحد أولادي وهذه الفتاة زوجتك إن شاء الله في الدنيا والآخرة، وقد كتبها الله تعالى لك بعد أن خطبها الكثير من الناس فامدد يدك لأملك بها لك، فقال الشاب: إنه ليس لدي بيت ولا مال والزواج يحتاج إلى الشيء الكثير، فقال القاضي: لا تحتاج بيتاً