حكاية العجوز والفتاة
  ولا مالاً، هذا بيتي بيتك ومالي كمالك، وقد زوجتك بها، بارك الله تعالى لك فيها وجمع بينكما في خير وعافية، وأخرج منكما كثيراً طيباً، واستدعى شهوداً وأدخلها عليه في الحال زوجة صالحة، مباركة فائقة الجمال والحالِ راضيةً مرضيةً، ودوداً ولوداً، معينة على طاعة الله وعبادته وعلى الدراسة معينة على نوائب الدهر.
  فأول ما استجلاها تبسمت له وقالت: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢}[الطلاق] أنا صاحبتك البارحة، الحمد لله الذي جمعنا بقدرته، لقد استجاب الله تعالى ضراعتك بسرعة، واستجاب لي فأمن روعتي وحفظني وردني إلى أهلي سالمة غانمة، فقال: الحمد لله رب العالمين لا نحصي ثناء عليه، فقومي فلنصل الله تعالى فنشكره أن جمعنا، ووفقنا، وهدانا، وحفظنا، فصليا ما شاء الله تعالى، وصلح حالهما، ولازم الجلوس عندها وفي منزلته بالجامع للدراسة حتى بلغ درجة الاجتهاد، وكان له من الأخبار ما ملأ البلاد والوهاد، ومن المؤلفات ما استفاد منها الكثير من العباد، ومن الذرية الصالحة ما تقر به العيون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
  فمن طلب الغنى من الله أغناه، ومن طلب الكفاية منه كفاه، وكما قيل:
  ذاك السوار لمثلِ ذاك المعصم
  وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. روي عن رسول الله ÷: «طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الدجى» والله القائل: -
  يا من يجيب دعا المضطر في الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع السَّقَم
  هب لي بجودك ما أخطأت من جرمي ... يا من إليه أشار الخلق بالكرم
  إن كان عفوك لم يسبق لمجترم ... فمن يجود على العاصين بالنعم