السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[وقعة هران]

صفحة 166 - الجزء 1

[وقعة هران]

  ومن ذلك: ما رواه القاضي عن الأمير المقدم ذكره، قال: ومما أروي من شجاعة مولانا # ما هو معروف مشهور يوم هران⁣(⁣١)، وقد طلع من الجوف في خيل كثير حتى صاروا بوادي هران، فخرج عليهم قوم من البدو في ذلك الوادي يريدون الحرب، وكانت الخيل خمسة وثمانين فارساً أكثرها لوابس، وكان القتال من نصف الوادي إلى أعلاه مكان يقال له: الجفجف - وهو واد طويل -، وكان الحرب من جنبيه، ورأى ذلك اليوم من أيادي الله تعالى ما يجب شكره عليه ونشره، وذلك أنه كان حاسراً كما قال في بيت من قصيدته التي قالها في فتح صنعاء، وهو:

  وفي يوم هران ألمْ أَحْمِ حَاسِراً ... ذوي الزرد الموضون قوماً متمما

  والقوم من رماة العرب وأشدهم، وقد كان أصحابه انهزموا عنه فلزم على أعقابهم وهو يحمل عليهم ويطلع فرسه في عرض الجبل ويعمدوه بالرمي لما شغلهم عن أصحابه، وذكروا ذلك بعد الوقعة، فما أصابه شيء من ذلك ولا أصاب فرسه، ولقد كان الرمي يقع من القرب والبعد مع طول القتال فكانت هذه من نعم الله على أهل ولايته التي يبعد أن يقع مثلها لغيرهم.

  وذكر # أنه لما تلاحم القتال وأعجل عن لبس السلاح واعتمد أيضاً بركة ليعرفه القوم فيتجهموا مكانه فيحفظوه في أصحابه، فلما اشتد القتال وحقت الهزيمة قصدوه بالرمي فلم يتمكن في تلك الحال من لبس السلاح،


(١) هران: واد من بلاد بكيل في ناحية ذيبين، وهو من أجل أودية اليمن.