السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[توجه الإمام # إلى الجوف]

صفحة 240 - الجزء 1

  وهو يوم الاثنين لإحدى وعشرين ليلة خلت من ربيع الآخر من سنة أربع وتسعين، وكان السلطان إسماعيل يومئذ بصنعاء في جند كثير، وعساكر جمة، وقوة قوية، فاضطربت البلاد خوفاً، وخشي أهل الحقل وصوله، وعظم عليهم الأمر، وحضر من أشار على الإمام # بالرجوع إلى خولان وتجييش العساكر والإنفاذ للخيل، من بلاد عنز وبني وقشة وحذروه من الإقدام على ارتكاب الخطر فلم يقع شيء من ذلك عنده، وقال: (يا قوم، عوذُوا بالله من وسوسة الشيطان واتباع دواعي الجبن، وتقدموا على اسم الله متبعين لإمامكم، صادقين في قصدكم، فما ترون إلا السلامة إن شاء الله، والنصر من عند الله، فنرجو من الله أن يَفُلَّ حدهم، ويفرق جندهم، ويمحق جمعهم).

  وتقدم # في قدر مائتي رجل وابن البداخ معه في خيل من عنز فما نهض من قرية من قرى الجوف حتى أصلح أمورها، وأقام فيها من يأمر بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويتفقد مكاييلها وموازينها، ويقيم فيها أمر الله، فما تلقاه واحد منهم إلا بالطاعة والامتثال لأمره، وكانت بينهم شرور كثيرة، وحروب عظيمة فأصلح الله به أحوالهم، واختلط بعضهم ببعض.

  وكان ممن ولاه قبض الحقوق الواجبة: مقبل بن أبي الفتوح الحارثي - وهو من الأخيار أهل الدين والورع -.

  وكان الفقيه الفاضل العالم سليمان بن عبد الله السفياني، المتولي للأمر العام من إنفاذ الأحكام الشرعية، والأوامر الإمامية، وكان مستقره يومئذ بصيهد، فنفذت الأحكام ومضت الأوامر على أحسنها.