فتح صنعاء وبيعة الغز له وشعره في ذلك والأحداث التي حدثت بعد
  فأدخله داراً له فيها، وأتي بطعام فأصاب منه شيئاً، وصلى العتمة وشاور من حضره في الأمر، وقال: كيف (السبيل إلى دخول جندنا إلينا)، وقد وجد عندهم خوفاً عليه واضطراباً شديداً، وأتى رجل منهم، فأُخبر بفرسين وَصَلَا يجرَّان أرسانهما، فقال #: هما لنا، فخرج فجاء بصفتهما والدرع على أحدهما، وهي بغلة له، فحمد الله على ذلك واستبشر بالسلامة.
  وأمر جماعة إلى السلطان سيف الدين جكو بن محمد يخبره بما منَّ الله به من السلامة، وقد شاعت الشائعة في المحطة بنفاذ الأمر في الإمام وأصحابه، وأمره بالدخول، فَسُرَّ بسلامة الإمام # سروراً عظيماً وحمد الله على ذلك، واعتذر من دخول المدينة في الليل خوفاً على نفسه وأصحابه، وقد كان الإمام أمر بفتح باب غمدان سرّاً ليدخل منه جنده، وبذل الشيخ سعيد بن قنبر لمن فتحه خمسين ديناراً، وكان عليه ديوان كثير يحفظونه، وعدلان(١) في خيل يطوف على الأبواب فأنبه الديوان وشد عليهم، وأمرهم بإغلاق الباب، وأوعدهم على التسهيل في حفظه.
  ولما أتى العلم إلى الإمام بتأخر الجند عنه لم ير للوقوف في المدينة وجهاً، وأمر بجمع أصحابه إليه ليكون خروجهم معاً إلى المحطة، فلبس درعه وركب حصانه، وتقدم أصحابه بين يديه إلى الباب، فأحسوا عليه بأصوات وحركاتٍ فقال #: (إن كان الباب مفتوحاً فنحن نفرق القوم عنه ونخرج إن شاء الله)، فوجدوه موصداً مردوماً عليه الصخر، وثار القوم من فوق الدرب ورضخوهم
(١) هو عدلان بن خضر الكردي من أعوان الغز وولاتهم.