السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[تجهيز الجيش للأخذ بالثأر]

صفحة 318 - الجزء 1

  فكتبا إلى الأمير صارم الدين إبراهيم بن حمزة بن سليمان يستنهضانه بخيل الجوف، فأتى في مائة فارس، وتقدم الأمير الكبير، شيخ آل الرسول، يحيى بن أحمد إلى بلاد خولان بالقد اليماني، وتقدم الأمير بدر الدين إلى بلاد جماعة والأبقور وسائر قبائل خولان، فأجابوهما، واجتمع عسكر كثير إلى سبعة آلاف قوس، والخيل مائتان، وكان نهوضهم من صعدة مستهل ربيع الآخر من سنة خمس وتسعين.

  ولما علمت قبائل نجران من همدان وبني الحارث وغيرهم أتوا برهائنهم داخلين في الطاعة، فأمر بها إلى صعدة.

  وكان المتقدم في العسكر الأمير بدر الدين محمد بن أحمد فرَتَّبهم، وجعل للأمير صارم الدين إبراهيم بن حمزة التقدم في الخيل في أول العسكر، والأمير أحمد بن يحيى بن أحمد في وسطه، وكان بنفسه في الأبقور وبني جماعة خاصة لثقته بهم وعلمه بنصيحتهم في أعقاب العسكر، فكانوا كذلك في صدورهم وورودهم، وأظهر أن المخرج إلى نجران، فلما صاروا في بعض الطريق قصد بلاد يام وأوديتهم ودورهم فانهزموا رؤوس الجبال، وانهزم الصعيب ومن كان معه إلى الغائط، فتغنم العسكر أموالاً جليلة، وأخربوا قريباً من سبعين درباً، وحرقوا مائة بيت من الشعر، وما لم يمكن حمله من الآلات والبسط، وأقام العسكر أياماً يخربون الدروب، ويستأصلون شأفة أعداء الله الفرقة الغوية، المائلة عن منهاج الشريعة النبوية.

  ونهضوا بعد ذلك مستقبلين جهة المشرق في طلبهم، وليكون وصولهم إلى نجران من أسفل الوادي، فانقطعوا من الماء وأشرف الناس على التلف من شدة الظمأ، فأنزل الله سبحانه مطراً أقام به رمقهم حتى بلغوا الماء ببئر حميد، وكان ذلك من ألطاف الله لهم، وحطوا عند بني قدامة - في أسفل وادي نجران -،