[قصيدتان ملحقتان من مجموع الرسائل والأشعار]
  ومنازلاً زُرْقَ المُتُونِ كأنَّهَا ... برقٌ تَعَرَّضَ فِي مُتُونِ سَحَابِ(١)
  والمَاشِحِيَّةُ كُلِّ صَفرَاءَ القِرَى ... وهواكِ من عُتُلٍّ ومِن نَشَّابِ(٢)
  وَمَقَامَةٌ تَدَعُ النُّفُوسَ رَخِيصَةً ... فُرسَانُهَا والسُّوقُ سُوقُ ضِرَابِ(٣)
  لَيسَ المُحَارِبُ كُلَّ يَومٍ غَالِبَاً ... كَم قد طَرَا غَلَبٌ على غَلاّب
  لَا تعجبَنْ مِن جَوْلةٍ فِي صَوْلةٍ ... فَحَوَادِثُ الأيَّامِ غَيرُ عُجَاب
  إِنِّي أَرِقتُ ومَا أرقتُ لِحَادثٍ ... من فَلّ جيشٍ أو خُمُودِ شِهَاب
  لكِنْ لِضِلّةِ أُمّةٍ عن رُشدِهَا ... وَنُكُوصِهَا عَمدَاً على الأعقَاب
  عَنِّي وقَد عَلِمَتْ دِفَاعِي فِي الوَغَى ... عنهَا وتَعظِيمِي لَهَا وَنصَاب
  وَنَضوْتُ عَزمَاً من عَزَائِمِ حَيدَرٍ ... تُزرِي بِحَدِّ الصَّارِمِ القَرضَابِ(٤)
  هَل تَعلمَانِي قَد وَقَفتُ بِمَوقِفٍ ... إِلا ويشهَدُ لِيْ ذَوو الأحْسِاب
  فَعَلاَمَ يَنسَى الأكرَمُونَ مَوَدَّتِي ... لِجِهَامِ سَيْفَان ولَمعِ سَرَابِ(٥)
  إنِّي ومن عَمَرت قريشٌ بَيتَهُ ... لا حلْفَة الأزلاَمِ والأنصَاب
  لا يَثلِمُ الخطبُ الملمُّ عزائمِيْ ... أبدَاً ولا يُرْخِي فضُولَ ثِيَابِي
  أَوَ يَحسِبُ الأقوامُ أنِّي نَائِمٌ ... أو سَاهِرٌ للهولِ أقرَعُ نَابِي
  الهَولُ عندِي حِينَ يَمنَعُ ظَهرَهُ ... أدنَى وأهونُ من طَنِينِ ذُبَاب
  إن كُنْتِ يَا صنعاءُ أكبرَ هِمَّتِي ... وَذَمَارُ إن ذُكِرَت أجلُّ طِلاَبِي
  فَليزَهِدِ الأعدَاءُ فِيَّ فِإنَّنِي ... وَاهِي العَزِيمَةِ ضَائِعُ الأسلاَب
(١) المتون: المراد بها هنا خيوط تشد بها أوصال الخيام، ومتون السحاب: المراد جوانبه.
(٢) العتل - بضمتين ولام مشددة -: الرمح الغليظة.
(٣) المقامة بالفتح: المجلس، والقوم، وبالضم، الإقامة. والمراد هنا موضع الثبات في المعركة.
(٤) سيف قرضوب وقرضاب ومقرضب: قطاع.
(٥) رجل سيفان: طويل ممشوق ضامر. والجهم: العاجز الضعيف.