قصة المخرج الآخر إلى ذمار وحادثة السلطان سيف الدين جكو بن محمد وما يتصل بذلك
  بتقوى الله تعالى، والتثبت في أمره، وتجديد النية الصادقة في جهاد أعداء الله، والوقوف عند ملاقاة العدو إلى وصوله، والتئام العسكر من كل جهة.
  فلما وصل إلى مصنعة الحقل حط بها ثقله، وقد صار إسماعيل بجنوده تحت نقيل صيد(١)، وتقدم في جريدة من الخيل لحفظ رأس النقيل.
  فقيل: أشار عليه ابن المعلم بالرجوع إلى المحطة خديعة منه، وقال له: إن العرب لا تؤمن على المحطة، فساعده.
  وكتب إلى إسماعيل أن أدرك الأمر إن أردت الظفر واسترجاع البلاد، وانهض على الفور، فنهض مع خوف وطلع النقيل على ريبة، وندب أوائل خيله بعد طلوع الفجر، وهو يوم الاثنين السادس عشر من ربيع الآخر، وهو يوم خروج الإمام # من صنعاء، وتأهب السلطان سيف الدين للقتال والجند الذين معه، وعبأهم ميمنة وميسرة وقلباً، وجعل في الميمنة ابن سوار في طائفة من العسكر، فلما تراءت الفئتان حمل فيهم حملةً رد أولهم على آخرهم، ثم حمل ثانية ففعل كذلك، فلما شاهد ابن سوار ومن معه إسماعيل نكسوا رماحهم واستسلموا، وتبعهم أكثر الجند، وحقت الهزيمة فيمن بقي من عسكر سيف الدين، فقاتل فعثر به فرسه في ساقية خيل هنالك فعرفوه، فقصدوه بالدبابيس والسيوف وهو يقاتل حتى قتل.
(١) صيد - بكسر الصاد وسكون الياء -: جبل في بني سرحة، في رأسه النقيل، وهو المعروف بنقيل سمارة.