السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[كتاب الإمام إلى سبأ]

صفحة 406 - الجزء 1

[كتاب الإمام إلى سبأ]

  وكتب إلى سبأ هذا الكتاب:

  

  سلام عليكم سنة لا رضى، فإنا نحمد إليكم الله تعالى.

  أما بعد:

  فإن أشقى الأشقياء من شقي بعد الرشد، وأضل الضُّلال من ضل بعد الهدى، وإنكم لا تدرون أي عَقَبَةٍ تَتَسنَّمون، وأي دين تكرهون، {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٧}⁣[فصلت: ١٧]، وإني {نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ٤٦}⁣[سبأ: ٤٦]، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ٥٠ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ٥١}⁣[الذاريات]، وإنا إذا جهدنا كل جهدنا أخرجناكم منها أذلة وأنتم صاغرون، وإني أقول لكم ما قال عمي سليمان #: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ٣١}⁣[النمل: ٣١]، وإن الإسلام لا يتم إلا بطاعة عترة خاتم المرسلين، وإني كتبت هذا الكتاب أريد استبقاءكم لبلادكم وسلامتكم لأوطانكم، وأن تجعلوا الطاعة لله ولنا ستراً حاجزاً بيننا وبينكم، فإن من عَرَّض صفحته للحق هلك، ولا تطمعوا عند استحضار جهدنا، وحشدنا لكافة جند الله وجندنا، أن التوبة تقبل منكم إلا بأمور يجوز لنا فعلها، عرفناها وجهلتموها، فتقولون عندها: {رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ٦١}⁣[ص: ٦١]، {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ