السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح المحالب وغزوة حرض

صفحة 495 - الجزء 1

  المنتصر للدين، الملك المسعود، شريف الجدود هلدري بن أحمد المرواني - تولى الله توفيقه - فقلده لذلك السلطنة العامة، على الخاصة والعامة، وأمر الكافة من المسلمين المنقادين لطاعته بالانقياد له في أوامره التي فيها لله أمر سابق؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وشرط عليه أمير المؤمنين تقديم أمر الله سبحانه على كل أمر، وإنفاذ حكمه على كل حكم، والانقياد لأمر الشريعة فيما عزَّ وهان، وقسى ولان، وتحرّي المصلحة للمسلمين الخاص منهم والعام، والانقياد لحكم الإمام، بطاعة العزيز العلام، وإنفاذ الأوامر الشرعية، في جميع الأجناد والرعية، والقسمة بالسوية في الأقسام النبوية، بعد التنفيل المذكور للمصلحة وإخراج الأخماس في الغنائم، واجتناب المآثم والمظالم، وترك المنكرات باطناً وظاهراً، وتقديم أمر الله أولاً وآخراً، ولين الجانب لأهل الولاية، وخشونة الجانب لأهل العداوة، وأخذ أمير المؤمنين على هذه الشرائط على الملك المذكور المفوض إليه هذا الأمر عهدَ الله وميثاقه مرة بعد أخرى، وجعل ذلك بينه وبين النار سترًا، ولم يأل للأمة نصحاً وللدين نظراً، وهو يستمد من الله التوفيق في جميع أموره، فمهما وافق هذه الشروط الموسومة فأمر السلطان فيه من أمره، وأمره من أمر الله سبحانه، وهو واجب على الأمة الانقياد له، ومتى خالف ذلك فهو منه بريء، وهو يسأل الله تعالى تثبيت أمر سلطانه، وتقوية جنوده وأعوانه، والصلاة على محمد وآله.

  فلما وصل الكتاب إلى السلطان نادى مناديه في العسكر يأمرهم بالحضور فحضروا، فأمر بقراءة الكتاب وازداد به شرفًا وهيبة عند الجند وغيرهم، وحمد الله وأثنى عليه وأخذ الكتاب فقبله وتركه على رأسه، وقال: هذه النعمة ما حصلت لي بحولي ولا بقوتي إلا بالله وبركات أمير المؤمنين.