السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

خروج إسماعيل إلى صنعاء والأحداث

صفحة 512 - الجزء 1

  الظمأ، ولم نعلم بميت يقتل، ومنهم رجل رمى بنفسه البئر من شدة الظمأ فأخرجه الله ببركة أمير المؤمنين ولحقنا سالماً، فهذه عندنا آية، والآية الأخرى الماء الذي لقينا في مقطعة من الأرض، وجاءنا منهم من بقيت فيه حركة لما أبرد عليه النهار، وبقي أنفار قليل مُثل بهم بعد موتهم، وقد علمت أنا لو أردنا القتل كنا قد قتلنا مئين من يوم شننا الغارات في تهامة من الأحياء الذين يقوون مَن خالفنا، فانظر أي الفعلين أكرم، أمن قتل الموتى أم من سلم الأحياء.

  وأما تهددك بأنك في أربعمائة فارس، فذلك من الممكن، ولكنا لا نلقاكم بالكثرة، ولكنا نقاتل بالنصر، ومن ينصر الله فلا غالب له، و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ٢٤٩}⁣[البقرة: ٢٤٩].

  وأما قولك: من أن السلطان يأتي من صنعاء ونهوجها وأنت من تهامة، فكيف يصل إليّ من في صنعاء وبيني وبينه ابن رسول الله ÷ في عشرين ألفاً أو يزيدون، واضعي سيوفهم على عواتقهم، يرون الموت سعادة، والحياة شقاوة، وإني لأرجو إن خيط برجله الحبالة أن تستحكم عليه الأنشوطة، وقد علمت ألطاف الله سبحانه لابن نبيه ÷، ألم يكن في شبام مقاوماً محارباً، فصنع الله حتى دخل صنعاء على أحسن قضية، والذي فعل له ذلك باق لا يزول وهو الله سبحانه، أين من الله معه ممن ليس من الله بسبيل، فتفكر فيما ذكرت لك فإنه محض الإنصاف.

  وأما حكايتك من العرب وأنهم يزعمون أن إعطاءهم لنا صدقة، واستخفافهم بنا، فنحن أعلم بنفوسنا، وأشفق عليها من غيرنا، ولو علمنا ذلك لكان في الأرض سعة، وكيف يدخل ذلك في خَلَد مثلك من أهل العقول، وهم حملوا