السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

ذكر طرف من مناقبه وأحواله #

صفحة 50 - الجزء 1

  وعن الشريف الفاضل قاسم بن يحيى الحمزي: ما رأيت أحسن من عبد الله بن حمزة تربية، ولا أشرف منه نفساً، ولا أسمح يداً من حال الصغر، وما طرب قط للعب، ولا اشتغل بحديث فيما لا يعنيه.

  قال: وكان حمزة بن سليمان قد هذب أولاده ورباهم على الطهارة والعفة، والمرابطة على التعليم والدراسة، فكان لعبد الله ابنه التبريز عليهم في ذلك، وكانوا يعرفون فضله، ولما ختم القرآن قرأ في اللغة والنحو، وبلغ فيهما مبلغاً عظيماً قصر عنه أهل العلم بهما، وكان يكالم من يغشاهم ممن ينتحل الدين، ويورد عليهم المسائل فيظهر فضله، وقصورهم عن مقاومته.

  قال: ولقد سمعته يقسم ما قعد في مجلس فيه لغو، ولا خاض فيما يستغنى عنه، حتى أن من يحب البطالة يصرف الناس عنه لأجل ذلك، حتى ضاقت عليه الحال، فانتقل عنهم، وأنشأ في مثل ذلك الشعر الرآي ثلاثين بيتاً.

  [كان # وهو بحجة ضَيَّقَ صدره ناس من الشيعة وصرفوا عنه الناس بكل ممكن، فضاقت عليه الحال، فانتقل عنهم وأنشأ قصيدة منها هذه الأبيات:

  جَاءَت فُطَيمَةُ والأَعيَانُ هَاجِعَةٌ ... فَالشَّمسُ طَالِعَةٌ وَالليلُ مُنْعَكِرُ

  جَاءَت فَجَلَّت ظَلاَمَ الليلِ طَلعَتُهَا ... فَقُلتُ ذا وَجهُ فَطَمٍ أَم هُو القَمَرُ

  أَهلاً بِهِ مِن حَبِيبٍ زَارَ مِن بَلَدٍ ... تَرَى بِهَا الوَردَ مِن أردَانِهَا عَطِرُ⁣(⁣١)

  عَانَقتُهُ وَمَززتُ الخَمرَ مِن فَمِهِ ... قَبلَ السَّلاَمِ فَأوهَى عِطفِيَ السَّكَرُ⁣(⁣٢)


(١) الردن بالضم: أصل الكم، يقال: قميص واسع الردن، قال ابن سيدة: الردن مقدم كم القميص، وقيل هو أسفله، وقيل هو الكم كله، والجمع أردان وأردنه.

(٢) أوهى: أي أضعف. والعِطف: الجانب.