تربيته ومنشأه #
  أَمسَى ضَجِيعِي وأَمسَى السَّيفُ شاهدنا ... شاهدنَا بأنَّهَا كَرَمَاً مَا حُلّتِ الأُزُرُ
  أَضحَى بِسَيفِيَ رِدعٌ مِن ذَوَائِبِهَا ... ومِن ذَوَائِبِهِ فِي جِسمِهَا أثَرُ(١)
  أَرْخَتْ عَلَى المَتْنِ لَيلاً مِنْ ذَوَائِبِهَا ... وَأَقبَلَت بِنَهَارٍ لَيلُهُ شَعَرُ(٢)
  قَالَت عِتَابَاً عَلاَمَ الهَجرُ قُلتُ لَهَا ... يَا فَطْمُ إِنِّي عَدَانِي عنكُمُ السَّفَرُ(٣)
  كَيفَ المَقَامُ لِذِي نَفسٍ عُشَنْزَرةٍ ... مِن بَينِ قَومٍ ذَوُو أَحلَامِهِم بَقَرُ(٤)
  كَيفَ الثِّوَاءُ عَلَى دَارٍ وَسَاكِنُهَا ... يَحبُو العُقَابَ بِمَا تُحْبَى بِهِ الحُمَرُ(٥)
  لَا مَجدَ إِلَا لِمَن فِي صَحنِ جُثَّتِهِ ... صَدرٌ بِمَاءِ لُعَابِ الشَّمسِ مُستَطِرُ(٦)
  يُجَشِّمُ الَّليلَ نَفسَاً لَا يَضِيقُ بِهِ ... طَعْمُ الرُّقَادِ لَدِيهِ آَسِنٌ مَقِرُ(٧)
(١) الردع: العنق والزعفران، أو لطخٌ منه، أو من أثر الدم، وأثر الطيب فِي الجسد كالرادع.
(٢) المتن: الظهر. شبه الذوائب بالليل لسواد الشعر.
(٣) في الديوان: إني عذابي منكم السهر.
(٤) العَشَنْزَرُ: الشديدُ الخَلْقِ، العظيمُ من كلِّ شيءٍ، وهي بهاء. وفي الديوان: عشيرته، والمعنى: أن ذوي الأحلام والنهى منهم كالبقر فِي الغباوة، فكيف سائرهم.
(٥) الحباء: الإعطاء، والعقاب: طائر معروف، والحُمَر: جمع حُمَّرَة بضم الحاء وتشديد الميم: وهي ضرب من الطير كالعصافير.
(٦) الصحن: المراد به جوف الإنسان، ولُعَابُ الشَّمْس: شيء تَراه كأَنه يَنْحَدِر من السماءِ إِذا حَمِيَتْ وقامَ قائمُ الظَّهِيرة، وقِيل: لُعابُ الشمس ما تراه في شِدَّة الحرّ مِثْلَ نَسْجِ العنكبوت؛ ويقال: هو السَّرابُ، والمعنى: لا ينال المجد إلا من كان في جوفه صدر له همة عالية يكاد لهمته يتخذ من لعاب الشمس كتابة.
والبيت في المجموع هكذا:
لا مجد إلا لمن في صحن جبهته ... سطر بماء لعاب الشمس مستطر
(٧) جشم الأمر: تكلفه بمشقة. الآسن: الآجن المتغير. والمَقِر: ككتف: المر الحامض.