تربيته ومنشأه #
  المأثورة عن النبي ÷، فأدرك ما لم يدركه غيره في هذه الفنون، وبلغ مبلغاً قصر عنه المجتهدون.
  [وأخبرني من أثق به كل الثقة: أنه # لما فرغ من تعلم القرآن الكريم في حال صغره وأدرك منه الوطر، أخذ يتأسف على ضياع العمر وفوات العلم، وأطنب في ذلك، فأعلم بعضُ إخوته والدَه # بذلك فدعاه وتحدث معه، وقال له: يا بني إنه لم يمض من المدة إلا القدر الذي يمكنك أن تصل فيه إلى ما قد وصلت إليه، وأنت مستقبل فشمر في ذلك.
  ثم انتقل بعد ذلك إلى الدراسة في أنواع العلم، فأخذ في علم الادب حتى لج في أغواره، والتقط من درره من قراره، وبرز في ذلك تبريزاً بليغاً، ولقد كان يحفظ من شواهد اللغة ما لم يحفظه أحد من أهل عصره.
  وأخبرني الامير الكبير شيخ آل الرسول في عصره، وناعش الحق في دهره، عماد الدين، ذو الشرفين، أبو المظفر يحيى بن حمزة بن سليمان(١)
= (٥٤٦) ه، وكان الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة يقرضه تقريضاً عظيماً، ومات عن ثماني وثلاثين سنة في يوم الاثنين من شوال سنة (٥٨٤) ه، وقبره في هجرة سناع، تحت قبر القاضي جعفر، مشهور مزور، وهو خارج المشهد من جانب الشرق، وله مؤلفات كثيرة.
(١) عماد الدين، أبو المظفر، يحيى بن حمزة بن سليمان، صنو الإمام المنصور بالله #، وأحد قواده المشهورين بالشجاعة والنجدة والفروسية والبطولة، وكان من أهل الثقة عند الإمام #، له المقامات المشهورة والمواقف المشكورة فِي الجهاد بين يدي الإمام #، ولاه المنصور بالله # ظاهر بني صريم، ثم إلى الظفير وما يتصل به من جهة بلاد حمير ونواحيها إلى بكر، إلى مساقط حراز، وبقيت هذه البلاد في يده إلى أن توفي المنصور بالله #، وتوفي الأمير عماد الدين سنة (٦٣٦) ه، وقبره في كحلان عفار، في الجامع الكبير، مشهور مزور.