السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 583 - الجزء 1

  بكم عن أمر تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة، هؤلاء مثلها فيكم، وهم كالكهف لأصحاب الكهف، وهم باب السلم فادخلوا في السلم كافة، وهم باب حطة من دخله غفر له، خذوا عني عن خاتم المرسلين حجة من ذي حجة قالها في حجة الوداع: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»، فلا تصنعوا كما صنع الناس، فليس في الخطأ أسوة ولا ينفع الخاطئ كثرة المخطئين، ولا مع الحق وحشة، ولا تضر المحق قلة المحقين، واحمدوا الله الذي أوصلكم وقتاً تقتدون في دينكم بعترة نبيكم وتأخذون الحق من أهله، وتقتبسون النور من معدنه، وتنتسبون إلى العترة الطاهرة التي خلقت من طينة عليين، وربيت في حجور النبيين، ورضع فيها در الإسلام، وربيت في حجر الإيمان، ودرجت في منازل عمرها التنزيل، وخدمها جبريل، فأين تطلبون الهدى من غيرهم، فانظروا نظراً يخلصكم، والسلام على من اتبع الهدى.

  فعاد جوابهم بالامتناع عن الخطبة والأذان وظهر منهم خلاف الأمر، ولم تكن طاعتهم إلا بالأقوال دون الأفعال؛ لأغراض لهم فيما بينهم وبين الأعراب الذين حولهم من جنب وبني صلاة وغيرهم؛ لأنهم كانوا يخافونهم فأرادوا الالتزام بحبل الإمام # والتمسك باسم طاعته لدفع الشر عن أنفسهم، فلما ظهر امتناعهم، وقلة انقيادهم، وكراهتهم للحق وأهله ومخالفة أمر الإمام # أمر واليه بالمراح منهم، وجدد إليهم كتاباً لإبلاغ المعذرة وإلزام الحجة، وأتى في كتاب من فقيههم اعتراضات يستبعد فيها أشياء من غير دليل ولا حجة؛ فكتب إليهم أجمع هذا الكتاب: