السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 586 - الجزء 1

  فأين أنتم وارحمتا لكم من أنفسكم، ولأنفسكم منكم، خذوا مثالها وردوا هذا عذب فرات، واتركوا هذا ملح أجاج، ولا تكونوا سيقة كل سائق، وتباع كل ناعق، واستضيئوا بمصابيح الهدى، وأقمار الدجى، من عترة نبيكم المصطفى ÷ الأئمة الخلفاء، ولا تجعلوا دينكم قلادة في عنق من لم يقدر على منع عينه من نظر النساء، ولا بطنه من مطاعم الرشا، ومن لو دهمتكم جنود الحق متواترة، وجاءت الخيل في أثر الخيل كالسيل يتلوه السيل، وجار مكيال الحسام في الكيل، لقال: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ}⁣[الأنفال: ٤٨] إني أخاف الله رب العالمين.

  ولقد ذكر في كتابه الاحتجاج على صحة ما هو عليه بأن مقام إبراهيم - زاده الله شرفاً - خارج من أيدينا، وأنه في يد غيرنا، فهل قيامنا إلا لنقرَّ الحق في نصابه، ونرد الأمر إلى أربابه، من أهل بيت محمد عليه وعليهم أفضل السلام، وهل مَنْعُنا من حقنا يكون عند أهل العقول نقصاً في ديننا، فلقد مُنع رسولُ الله ÷ من مكة، ورد عام الحديبية من جانب الحرم، ومنع من العمرة والهدي معكوفاً أن يبلغ محله، فما زاده ذلك عند الله إلا شرفاً، فلقد أراد هذا الكاتب أن يذم فمدح، وأن يفضح فافتضح.

  وأما احتجاجه: بقوله سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ١١٥}⁣[النساء: ١١٥]، ولقد ضحكنا عجباً لا طرباً، حيث جعل سبيل المؤمنين مخالفة أهل بيت محمد ÷، وهل سبيل المؤمنين إلا اتباع أهل البيت ومودتهم؟!، وهل مشاقة الرسول إلا مخالفتهم وبغضتهم؟!، ولكنه وافق عامةً