السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[قصيدة الإمام (ع) يذكر همته في الإستيلاء على مأرب ويتهدد خاذليه]

صفحة 593 - الجزء 1

  إليهم فطابت نفوسهم وأنسوا، وسمعوا وأطاعوا، وما صدروا من ذلك الموقف حتى سألوا الحل عليهم، واعترفوا بما كانوا قد نووه، وأظهروا الندامة والتوبة، وساروا في حضرة الإمام وبين يديه، وكان وصولهم وما شاهدوه لطفاً لهم وراحوا راضين قد زال ما كان في قلوبهم من الإحنة، وحسنت طاعتهم، فالحمد لله رب العالمين.

  وشاع ذكر المخرج إلى مأرب، ونقل إلى الجهات، وانتشر في البلاد، وبلغ إلى أهل مأرب الخبر فخافوا واضطربت أحوالهم.

[قصيدة الإمام (ع) يذكر همته في الإستيلاء على مأرب ويتهدد خاذليه]

  وأنشأ الإمام # شعراً في أمرهم، فبلغ إليهم فزادهم قرباً، وهو:

  أَتَزعُم أنِّي قد قضيتُ مَآرِبِي ... ولَم أُحْدِرِ الجَيشَ اللِّهَامَ لِمَأرِبِ⁣(⁣١)

  كَذَبتَ وَبَيتِ الله حَتَّى أقُودَهَا ... كَتَائِبَ شُعثَاً تَقتَدِي بِكتَائِب

  بِهَا مِن بَنَاتِ الأعوَجِيِّ ولاَحِقٍ ... سَوامي العُيُون مُجفَرَاتِ المناكبِ⁣(⁣٢)

  قَصارِ الظُّهورِ والبطونُ طويلةٌ ... عِرَاضِ المُتون مُقرَباتٍ سَلاهِبِ⁣(⁣٣)

  تُغَادِرُ أبياتَ العدُوّ سَبَاسِبًا ... وكانت مَناخاتِ الهوى والملاعبِ⁣(⁣٤)

  فيا صاحِبِي إن لُمْتَنِي فِي هلاكهم ... فلَسْتَ على مَرّ الزمان بِصَاحبِي

  سيأتيهم سَيْلٌ كَسَيلِ جُدُودِهِمْ ... ويُشفِعه ربُّ السماءِ بِحَاصِب

  هُمُ نكثوْا عهدَ الإلهِ وكذّبوا ... بأفضلِ ماشٍ فِي الأنام ورَاكب


(١) اللهام كغراب: العدد الكثير والجيش العظيم.

(٢) السوام نقرتان أسفل عيني الفرس، والمجفَرات بالفتح الواسعة.

(٣) المقربة: الفرس التي تدنى وتقرب وتكرم ولا تترك، والسلاهب جمع سلهب كجعفر وهو الطويل.

(٤) السباسب جمع سبسب: وهي المفازة أو الأرض المستوية البعيدة.