السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 609 - الجزء 1

  والعطايا على مساعدته، وأحكم رأيه وصدر من حوث من غير مشورة ولا استيراد أمر من الإمام #، ولم يُرد أن يخلي ذكره من خدمته، وإظهار طاعته، وجعل عذره أنه يريد توفير ما يحصل من الغلة بالظاهر لوصوله، فقصد قوماً مصالحين في موضع يسمى (بَيْنَه⁣(⁣١))، فانتهبهم وأخذ أموالهم، وتقدم إلى الذنائب مظهراً طاعة الإمام #، خوفاً على نفسه ومن معه من العشائر، وقد أبطن خلاف ما أظهر، فغزا (المهجم) وتغنم منها أموالاً جليلة، ثم غزا إلى (الهلية) وبها رتبة من الغز فقتل منهم جماعة، وأخذ خيلهم، ولم يزل يغزو تهامة باسم الإمام، ويأوي إلى حوازها أمناً، وحرق حرض، وأخلى البلاد من أهلها ما بين حرض والمهجم إلى ساحل البحر، وكتبه تترى إلى الإمام في كل غزاة بالبشارات، وإظهار الطاعة، وأن كل ما وقع من الفتح فإنه بسعادته، وكان قد تصور في نفسه أن البلاد التي صار أمر الإمام # فيها نافذاً من بيحان إلى مأرب إلى الجوف فإلى صعدة وأعمالها يختل الأمر فيها، والظاهر خاصة لقربه من حد بلاد الغز بعد نهوضه منها بمن معه من الجند، واعتقد أن أحداً لا يسد مسده في غارة إلى بلد، فأكذب الله تعالى ظنه، فازداد الأمر بالله تعالى بعده قوة، والعدو هيبة، والرعية طاعة، وتوفرت الأموال، واشترى الإمام # قدر خمسين حصاناً في وقت قريب، وركبها الأشراف وغيرهم ممن وصل إليه من الغز، ونفذت الأوامر في جميع هذه البلاد، وقبضت منها الحقوق، وأقيمت الجمع، وأمضت القضاة عن أمره أحكام الله تعالى، وأغارت الخيل بعد صدوره إلى تهامة إلى الرحبة مقدمها الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة، والأمير ذو الكفايتين محمد بن إبراهيم، حتى بلغ أوائلها قريباً من (المنظر⁣(⁣٢)).


(١) بينه - بفتح الباء وسكون الياء -: موضع بالشمال الشرقي من حجة، ينسب إلى بينه بن نصبان.

(٢) المنظر: أحد أحياء مدينة الحديدة، جوار منطقة الربصة.