فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار
  أبنية الإيمان بصخر عنايتك، ويصبح جمع الفسق قضيضاً، وعظمه مهيضاً، وجناحه رضيضاً، وطرفه غضيضاً؛ فتنال بذلك ثواب الدنيا والآخرة، وينجوا بك الناجون فتحوز أجر نجاتهم، ويتسم العلماء المسلمون بأحسن سماتهم.
  وأما ما تخوفت من العواقب: فذلك ما لا شك فيه، والعذر فيه واضح لو لم يكن لنا إلا هذه الدار، فأما وبين أيدينا دار الآخرة التي هي دار الحيوان ودار القرار، وجنة ونار، لا خير في شيء من شرها، ولا شر في شيء من خيرها؛ فها تلك التي يخشى عواقب شرها، ويرجى نوافل خيرها؛ فأما الدنيا التي لا دوام لخيرها ولا بقاء لشرها، فإنما نخاف العواقب على المتخلفين عن طاعة أولي الأمر فيها، قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، فأولوا الأمر منا: هم الأئمة من آل محمد - عليه وعليهم أفضل السلام - قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣]، وأولوا الأمر أيضاً: هم آل محمد - عليه وعليهم أفضل السلام - فقد علمت بهذا - أيدك الله - أن مخالفة أمر أئمة الحق تورد صاحبها في المعاطب، وتنهيه إلى شر العواقب؛ فيخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين؛ لأن الدنيا بلا شك راحلة، والآخرة لا بد واصلة؛ فكأنما نحن فيه من الدنيا لم يكن، وما نصير إليه من الآخرة لم يزل، فرحم الله امرءاً نظر لنفسه، ومهد لرمسه، ما دام رسنه مرخى، وحبله على غاربه ملقى.
  واعلم أيدك الله أن طالب الآخرة على إحدى الحسنيين: إما الفتح فخير الدنيا إلى خير الآخرة، وإما الشهادة فما عند الله خير للأبرار، ولن يغني عن العبد من عذاب الله الأهل والمال، كما قال تعالى لنبيه - عليه وعلى آله السلام - فيمن اعتل