السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 624 - الجزء 1

  البيان والتذكرة، فقلنا: قد أدينا ما علينا، ودعوناه أحسن دعاء، ووعظناه أبلغ موعظة، واستيقن الحق وعلمته نفسه، وعليها نشأ وإليه دعا، وقلت: شغلني عن الإمام المال والولد، والطارف والتلد، وحب الوطن والبلد؛ فهل رأيت ذلك دام لك أو دمت له، أفليس هذه أمور يفارقها ابن آدم كرهاً عند إزعاج النداء، قال الله عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١١ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١٢ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١٣}⁣[الصف]، فهل مطلب - رحمك الله - أفضل من النجاة من العذاب الأليم، وحصول العيش السليم، في الجنات المعروشات، التي جرت تحتها الأنهار، في مسابل الورق والنضار، وأغشى نورها الأبصار، مع المساكن الطيبة؛ وهل بعد طيبها طيب، لا يزور سكانها طبيب، ولا في سكنها حريب، ولا يمس أهلها فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب.

  نعم، وهذا الفوز العظيم مع أخرى تحبونها ويد في الدنيا؛ لأن القلوب تميل إلى حبها، وتأنس بقربها، نصر من الله وفتح قريب، وذلك النصر والفتح إما بالظهور على الأعداء، وإما بسكون الجنات العلى.

  واعلم أيدك الله بتوفيقه وتسديده، ولا أخلاك من عونه وتأييده، أنك جعجعت بإمامك وابن أبيك، وشجةِ رحمك، وغصن شجرتك، منذ أربع سنين، وهو من يوم وقعت هذه الدعوة.