فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار
  فما أمَّنك أن تكون مت أو مات في هذه المدة؛ فكل ذلك جائز ولم تبسط في نصره يداً ولا لساناً، فقد عوقته في أرض اليمن هذه المدة وهو مع ذلك راضٍ عنك، مثنٍ عليك في الملأ بما أنت أهله من طيب النشأة، وحسن السيرة، وعلو الهمة، داع لك بما يرجو وصوله إليه من كمال النعمة، وإحماد العاقبة، يتقرب الناس إليه بمدحك، والثناء عليك لما علموا من حسن ثنائه فيك، وطيب ذكره لك.
  واعلم أنك لو أطلقت إليه ثلاثمائة فارس من قومه لأحكم بهم أمر اليمن - مع من ينضاف إليهم من جهته - في عامٍ واحد، وهذا أمر يصدقه من شاهد الحال، ولم ينطق بلسان المحال؛ لأن هذه العدة مع الخيل المرابطة التي معه من الشرف والأجناد كانت تحكم له أمر الخيل التي في بلاده التي قد ملكها، وكان الجميع يقرب من الألف الفارس، مع ألوف مؤلفة من الرجل الذين ينهضون لنهوضه من غير أجر إلا طلب الجهاد، والتقرب إلى رب العباد، وإلى رسول الله ÷ وخوفاً مما ورد به الوعيد، في ترك إجابته؛ وذلك ما رويناه عن النبي ÷: «من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم»، وهذا وعيد عظيم، لا ينام عليه رجل حليم.
  فخذ بما سمعت منه أو دع ... إنك إن يصرع أخاك تصرع
  واعلم أنه لم يبق لك عذر في النصرة لنا في دين ولا دنيا، أما الدنيا فإنه قد ظهر على ألسن الناس في بلداننا هذه أنك قدت المقانب، وكتبت الكتائب في حق حرمة من آل أبي طالب، ظُلِمَت شيئاً تافهاً، وها نحن قد ظلمنا حقنا، وغصبنا أمرنا؛ فأنت قادر على النصرة، غير عاجز عن المعونة؛ فهذا في الدنيا لو لم يخطر الدين بنفوسنا، وأما أمر الدين؛ فإمام سابق من قومك يدعوك، قد