السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار

صفحة 627 - الجزء 1

  ضَلَالٍ مُبِينٍ ٣٢}⁣[الأحقاف]، فانظر في هذا الأمر وشمر وبادر، ولا تقصر، واسمُ إلى التي هي أرفع، وسارع إلى التي هي أنفع، وكن حيث يرجو فيك الصالحون جامعاً بين الدنيا والدين، فالدنيا شرٌّ جُلُّها، والدين على منهاجه.

  واعلم أن بين الحلال والحرام عقوداً شرعية يستبعد الجاهلون تحليلها إن وقعت، وتحرمها إن رفعت، وذلك ما لا يستبعده العالمون، قال الله تعالى حاكياً عن المشركين: {قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}⁣[البقرة: ٢٧٥]، إلى غير ذلك من الأمثلة، وقد صرت بلا بد متصرفاً تصرفاً تضطر فيه إلى سفك الدماء، وخراب المنازل والقرى، وقطع الأشجار، وفساد الثمار، وهذا يقبح على وجه، ويحسن على وجه آخر؛ فيقبح إن فعلته بنيتك لنفسك؛ لأنه لا ولاية لك من الله سبحانه على الأمة ولو توخيت العدل، وقصدت إقامة الحق؛ ويحسن إن فعلته بنية إمامك لأن له ولاية عامة على الأمة، وإطلاق يد حكماً على البرية، وطاعة واجبة على الكافة، ويداً مبسوطة للعقوبة؛ وقد كنا قدمنا]⁣(⁣١) إليك مثالاً نعيده هاهنا تذكرة كما قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ٥٥}⁣[الذاريات]، والمثال ما قطعنا على أن كل عاقل إذا قيل له: إن صدقت أعطيناك درهماً، وإن كذبت أعطيناك درهماً، فإنه لا يختار الكذب على الصدق أصلاً، وقد قلنا لك: إن اعتقدت الإمامة وتصرفت في الأحوال عن أمر إمامك كنت مطيعاً لله سبحانه، عادلاً في الأخذ والخراب والسلب، وكان عملك لله رضا، وللإسلام والمسلمين صلاح، وإن لم تعتقد الإمامة أو اعتقدت ولم تمسك


(١) إلى هنا نهاية النقص.