فتح مأرب وبيحان وما يتعقبهما من الأحداث الكبار
  وجاء كتاب هلدري يذكر خدمته ونصيحته، وأنه طلب المادة بالمال والخيل يستعين بها على حرب العدو، فلم يحصل له ما طلبه على جاري العادة، وذكر العقد له بما حصل من البلاد أنه مصروف إليه، وهو عقد مشروط بالطاعة لله تعالى وللإمام ولموالاة الولي ومعاداة العدو، وتسليم أخماس الغنائم، فنسي هذه الشروط.
  فكتب إليه # في آخر كتاب كلاماً نسخته:
  وبعد، فإنا وقعنا على كتابك وفهمنا فصوله، وما ذكرت من خدمتنا قبل رؤيتنا، وأنك نصحت لله ولنا قبل مشاهدتنا، فكنت كمن آمن بجدنا ÷ قبل مشاهدته، ثم لما وصلتنا زاد أثرك على نظرك، وخبرك على خبرك، وكلما زدتنا ذراعاً زدناك باعاً، حتى كان منك النزول إلى تهامة، فكان منك من الآثار الجميلة ما ضمناه بطون الأوراق، وما يذكر إلى يوم التلاق، هذا ونحن كارهون لإقامتك لوجهين:
  أحدهما: خيفة فساد الأجناد إلى تهامة كما كان في الأولين.
  والثاني: ما بلغنا من ركوب كثير منهم للمعاصي من فعل منكر، وشرب مسكر، وأمرنا هذا لا يثبت إلا مع الاستقامة على طاعة الله تعالى، ولا نشك أنا غفلنا عن المادة بمن يمكن من مال وسواه لهذا، وأنت تعلم أنا لم نضن عليك بالضنين، وأما البلاد فلسنا نجهل العقد فيها علينا، ولكن نسيت العقد لنا بخمس الغنائم، وهو فرض من الله لنا، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[الأنفال: ١]، فجعلها للرسول جملة، وللقائم من بعده من ذريته، فرد أربعة أسهم للغانمين، وأخذ سهماً.