الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: وتجب التوبة على الفور]

صفحة 540 - الجزء 2

  العقل، كما يعلم وجوب دفع الضرر عن النفس، وهو معلوم من الدين ضرورة.

[مسألة: وتجب التوبة على الفور]:

  مسالة: وتجب على الفور، وتصح مدة العمر ما لم يغرغر، أما كونها تجب على الفور فلأن المكلف مخاطب بترك القبيح وفعل الواجب المؤقت بلا مهلة، ولأن الاستمرار في المعصية وترك الواجب إصرار على المعصية، وهو محرم قطعاً، ولا يمكن الانفصال عنه إلا بالتوبة، فوجبت المبادرة بها، ولأنه لا يؤمن في كل حين هجوم الموت لو سوَّف التوبة، فتجب فوراً من عقيب العصيان. وأما أنها تصح مدة العمر ما لم يغرغر بالموت فهو معلوم ولا خلاف فيه، ولقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧ وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} الآية [النساء]، أفاد قوله تعالى: {ثم يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} وجوب المبادرة بها، وأفادت الآية الثانية أنها تصح مدة العمر إلى أن يحضر الموت، فإذا حضر الموت لم تنفع حينئذ التوبة، ولا قبول لها، نسأل الله التوفيق.

[مسألة: التوبة تصح من كل ذنب: كفراً كان أو فسقاً أو غيرها]:

  مسألة: وهي تصح من كل ذنب: كفراً كان أو فسقاً أو غيرهما، وعن ابن عباس ®: لا توبة لقاتل المؤمن عمداً. وقد تُؤُوِّلَ بأن مراده: لا توفيق لقاتل المؤمن عمداً حتى تكون منه توبة، ذكره القرشي في المنهاج، وهو أولى؛ لأن أدلة قبولها من كل ذنب لا تخفى على مثله، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} إلى قوله: {إِلا مَنْ تَابَ} الآية [الفرقان ٦٨ إلى ٧٠]، ولقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال ٣٨]، والإجماع منعقد بعده على ذلك. فأما