الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء

صفحة 216 - الجزء 1

  أما الحشوية فقالوا: إنه تعالى جسم كسائر الأجسام له أعضاء وجوارح، تعالى الله عن ذلك.

  وأما الكرامية فمنهم من يقول: إنه جسم لا كالأجسام، أي: ليس بطويل ولا عريض ولا عميق، فخلافهم⁣(⁣١) في اللفظ دون المعنى.

  وأما النصارى فقالوا: إنه تعالى جوهر اتحد بالمسيح. وذهب قوم إلى أنه تعالى نور، وبعضهم زعم أنه هو الهواء المنبث المتسع لجميع العالم.

  وهذه الأقوال كلها باطلة عاطلة (لأن) هذه (الأشياء) المذكورة وغيرها مما يقوله أهل التجسيم فإنها كلها (سواه) منحصرة في ثلاثة أقسام لا غير: (جَوْهَرٌ وعرضٌ وجسمٌ) وإنما أَخر الجسم لطول الكلام عليه.

  والدليل على انحصار الأشياء سواه في هذه الثلاثة المذكورة هو أن يقال: الشيء لا يخلو: إما أن يكون موجوداً أو معدوماً، والأول إما أن يكون لوجوده أول أم لا، الثاني القديم تعالى، والأول إما أن يشغل الحيز عند حدوثه إن حدث أم لا، الثاني العرض، والأول إما أن يقبل التجزؤ والانقسام لذاته أم لا، الأول الجسم، والثاني العرض، فكانت الأشياء بهذا التقسيم - سواه تعالى - أربعة:

  المعدوم على القول بأنه شيء.

  والجسم، وهو ما يشغل الحيز ويصح عليه التجزؤ والانقسام.

  والجوهر، وهو ما لا يجوز عليه التجزؤ والانقسام؛ لحقارته وصغره في ذاته حتى لا يكاد يُدرك.

  والعرض، وهو ما لا يشغل الحيز عند حدوثه.

  فلَمَّا انحصرت الأشياء الموجودة - سواه سبحانه وتعالى - في هذه الثلاثة المذكورة: الجسم والجوهر والعرض - أخذ # في إبطال أن يكون تعالى من


(١) أي: مع الحشوية.