[صفات الذات الإلهية]
  على كل المقدورات، عالم بكل المعلومات، حي دائم لم يزل ولا يزول. ولعله ¦ وضع المطلق موضع المقيد؛ ففي ذلك تسامح. وقوله: «وما يرجع إليها كسميع وبصير وقديم» يعني: أن سميعاً بصيراً ليسا صفتين مستقلتين، بل مرجعهما إلى عالم عند القاسم والبغدادية، بمعنى: عالم بالمسموع وعالم بالمبصر، أو إلى حي لا آفة به تمنعه عن إدراك المسموع والمبصر عند الأمير # وغيره من أئمتنا والبصرية. وقديم راجعة إلى موجود، بمعنى: أن وجوده تعالى لا أول له.
  قوله #: (والقِدَم) من باب عطف الخاص على العام؛ لأن القدم من صفات الإلهية، ولعلَّه أرادَ بالتنصيص عليه الإشارةَ إلى بطلان قول من أثبت معانٍ قديمة كالأشعرية ونحوهم، ولموافقة الفاصلة في قوله: (المتعالي عن الحدوث والعدَم) والحدوث: هو وجود الشيء بعد أن كان معدوماً. والعدم على ضربين:
  - عدم أصلي: وهو ما لم يوجد أصلاً.
  - وعدم فرعي: وهو ما كان موجوداً ثم عدم.
  وكل ذلك يتعالى الله عنه؛ لأنه مناف لصفات الإلهية، فموقع هذه الفقرة من الأولى موقع المؤكدة، ولهذا لم يأتِ بحرف العطف المؤذن بالمغايرة.
  وكذلك قوله #: (الذي لم يسبقه وقت ولا زمان، ولا تحويه جهة ولا مكان) فإن الجميع نازل من الجملة الأولى بمنزلة البيان والتأكيد؛ لأنه لو سبقه زمان أو حواه مكان لكان محدثاً؛ فينافي صفات الإلهية؛ لأن ما سبقه غيره فهو محدَث بالضرورة، وما حواه المكان فهو محدود بالضرورة، وكلُّ محدود يفتقرُ إلى فاعل يفعله على ذلك الحد والمقدار.
  فإن قلت: وما تريد بقولك: ولهذا لم يأت بحرف العطف المؤذن بالمغايرة؟
  قلت: لأن المفردات والجُمل المتعاقبة إن كانت التالية في معنى المتلوة لزم عند