الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 254 - الجزء 2

  الأصنام، وعكوفه على الآثام، فقد أخرج مسلم عنه ÷ عدة أحاديث في كتاب الإيمان من صحيحه: «أن من أحسن في الإسلام غفر له ما تقدم في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام عوقب بما فعله في الإسلام وما فعله في الجاهلية»، وهو ظاهر قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} الآية [فصلت ٣٠]، أي: استقاموا حسب أوامره تعالى ونواهيه، وقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال ٣٨]، أي: ينتهوا عن جميع ما نهى الله عنه؛ لأن حذف المعمول يقتضي العموم، ثم لما دنت وفاة عدو الله تعالى كان الأمر فيها كما ورد في الحديث السابق برواية أبي الفرج ¦: «ولا يموت حتى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر» لما رواه المنصور بالله # في الجزء الرابع من الشافي قال: ولما دخلت سنة عشرين يعني منذ استولى على الأمر وهي سنة ستين شهر رجب من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم وعلى آله أهل الفضيلة والتكريم مرض مرضه الذي مات فيه، فكان يرى أشياء ويهذي منها هذياناً كثيراً، ويقول: ويحكم اسقوني اسقوني، فيشرب فلا يروى، وربما غشي عليه اليوم واليومين، فإذا أفاق نادى بأعلى صوته: مالي ولك يا حجر بن عدي، مالي ولك يا ابن أبي طالب.

  قلت: وفي رواية أخرى: إن يومي منك يا حجر لطويل.

  قال: فلم يزل كذلك ويزيد ابنه معه يقول: يا أبتي إلى من تكلني، عجل بالبيعة لي وإلا والله أُكِلْتُ، ألم تعلم ما لقيت من أبي تراب وآله؟ قال الرواة: ومعاوية يتململ في الفراش، ويفكر فيما عقده للحسن والحسين @، إذ كان عند مهادنة الحسن عقد أن يكون الأمر من بعده للحسن ثم للحسين @، فلما كان اليوم الخامس دخل عليه أهل الشام فرأوه ثقيلاً، فبادروا إلى الضحاك بن قيس وكان صاحب شرطة معاوية ومسلم بن عقبة فقالوا: ماذا تنتظران؟ ذهب والله الرجل فاذهبا إليه وبادراه ليوصي إلى ولده يزيد فإنه رضا، ولا نأمن من أن