بيعة علي وأمر المتخلفين عنها
  لما ندبهم إلى الشخوص معه لحرب أصحاب الجمل، وأنهم لم يتخلفوا عن البيعة وإنما تخلفوا عن الحرب.
  وروى شيخنا أبو الحسين ¦ في كتاب الغرر، أنهم لما اعتذروا إليه بهذه الأعذار قال لهم: ما كل مفتون يعاتب، أعندكم شك في بيعتي؟ قالوا: لا.
  قال: فإذا بايعتم فقد قاتلتم وأعفاهم من حضور الحرب.
  فإن قيل: رويتم أنه قال إن كرهني رجل واحد من الناس لم أدخل في هذا الأمر، ثم رويتم أن جماعة من أعيان المسلمين كرهوا ولم يقف مع كراهتهم.
  قيل: إنما مراده # أنه متى وقع الاختلاف قبل البيعة نفضت يدي عن الأمر ولم أدخل فيه، فأما إذا بويع ثم خالف ناس بعد البيعة فلا يجوز له أن يرجع عن الأمر ويتركه؛ لأن الإمامة تثبت بالبيعة وإذا ثبتت لم يجز له تركها.
  وروى أبو مخنف عن ابن عباس، قال لما دخل علي # المسجد وجاء الناس ليبايعوه خفت أن يتكلم بعض أهل الشنئان لعلي # ممن قتل أباه أو أخاه أو ذا قرابته في حياة رسول الله ÷، فيزهد علي في الأمر ويتركه، فكنت أرصد ذلك وأتخوفه فلم يتكلم أحد حتى بايعه الناس كلهم راضين مسلمين غير مكرهين.
  لما بايع الناس عليا #، وتخلف عبد الله بن عمر، وكلمه علي # في البيعة، فامتنع عليه أتاه في اليوم الثاني، فقال: إني لك ناصح إن بيعتك لم يرض بها كلهم، فلو نظرت لدينك ورددت الأمر شورى بين المسلمين، فقال علي #: ويحك وهل ما كان عن طلب مني له ألم يبلغك صنيعهم قم عني يا أحمق، ما أنت وهذا الكلام